جاء في الحديث الذي صححه الألباني حول ليلة النصف من شعبان أن الله يغفر فيها لكل مسلم إلا لمشرك أو لمشاحن، والواضح من الأحاديث النبوية أن تعليق المغفرة بسبب المشاحنات بين الإخوة لا ترتبط فقط بموعد عرض الأعمال السنوية ولكنه أيضا يرتبط كذلك بمواعيد عرض الأعمال الأسبوعية كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا'.
ولعل الحديث النبوي الذي حدد مدة الخصام المرفوض بالزيادة عن ثلاثة أيام كان يراعي حرمان المتشاحنين من التعرض لمغفرة الله كما جاء في الحديث المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام'.
من الطبيعي أن يحدث الاختلاف بين الإخوة في الصف الواحد فمدارك الناس تختلف وتصوراتهم تتباين ولكن المشاحنات المرفوضة تبدأ عندما يتحول الاختلاف إلى خلاف شخصي وعندما تتداخل المصالح الشخصية مع وجهات النظر فتختلط الأهواء بالآراء وتتطور الخلافات إلى عداوة وبغضاء نتيجة نسيان الأهداف السامية وغياب الروح الإيمانية كما قال تعالى 'فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ'
والتشاحن لا يذهب فقط مغفرة الله فهو سبب من اسباب الفشل 'ولا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ' فما أحوجنا إلى تفقد أخوتنا في هذه الساعات المباركة والمبادرة إلى التسامح والتغافر بيننا لنفوز بالمغفرة الأعظم والعفو الأكبر.