جاء في الحديث الصحيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص' ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويعرف حق كبيرنا ' ويكفي تحفيز هذا النفي للمسلم ليبذل أقصى جهده في معرفة حقوق كبار السن، ولا سيما في الظروف الصعبة التي يحتاجونا فيها إلى رعاية خاصة.
ومن هذه الظروف ما تمر به الأمة حالياً في ظل تفشي وباء كورونا العالمي، وفي ظل إجراءات الوقاية وما فرضته من حجر صحي وتقييد للحركة، وفي ظل التأكيدات الطبية أن فيروس كورونا أكثر خطورة على المسنيين ومن تزيد أعمارهم على ستين عاماً، فالمخاطر الناتجة عن الإصابة للمسنيين وأصحاب الأمراض المزمنة تستلزم إحاطة هؤلاء برعاية خاصة في فترة الحجر الصحي.
وفي تعاليمنا الإسلامية إجلال ذي الشيبة المسلم من إجلال الله، و الأسر الإسلامية اعتادت على عدم الذهاب بكبار السن إلى دور الرعاية التي لا يأوي إليها في الأغلب إلا من لا أقارب لهم، فيظل الكبير في حضن الأسرة، ومحط رعاية الجميع، وهذه من محاسن الأخلاق والقيم الإسلامية.
من اجل تكميل هذه المكارم، فإن المسنيين بحاجة ماسة في هذا الظرف الاستثنائي إلى رعاية خاصة تقوم على الموازنة بين الحذر من مخالطتهم وتحقيق التباعد المطلوب وتقييد دخول الأطفال عليهم، وبين الرعاية الصحية والغذائية والنفسية والاجتماعية وتوفير جميع احتياجاتهم مع اتخاذ جميع إجراءات السلامة ومنها الحرص على تعقيم كل الأشياء التي نشتريها لهم من الخارج، وغسل اليدين بالماء والصابون عند الحاجة إلى مساعدتهم على الحركة، واستشارة الأطباء المختصين في إمكانية تأجيل أي فحوصات طبية لهم يمكن تأجيلها لأن زيارة المستشفيات تشكل خطراً عليهم هذه الأيام، ومراعاة عدم تركهم يشعرون بالوحدة والتواصل معهم مع الالتزام بالمسافات المحددة واستخدام المعقمات، وتقييد دخول من يعتاد الخروج لشراء احتياجات المنزل على كبار السن.
والمهم مع كل ذلك إشعارهم بحبنا لهم وإكرامنا وتقديرنا، فأخطر ما يمكن أن يؤذي نفسية الكبير هو النظر إليه كعبء حتى في ظل الرعاية، ولنتذكر جميعاً أننا يوماً ما سنكون في نفس وضعيتهم، فلنحرص على معاملتهم بالطريقة التي نريد أن يعاملنا بها أبناؤنا وأحفادنا في المستقبل.