منذ بداية تفشي وباء كورونا تفشى وباء الحيرة والارتباك عند الشباب المسلم والدعاة والوعاظ في كيفية التعامل معه سواءً في تفسير أسباب حدوثه أو في كيفية التعامل مع إجراءات الوقاية، وكيفية التعامل مع ما تفرضه هذه الإجراءات من تقييد للحركة ومنع للتجمعات ومنها التجمعات الخاصة بصلاة الجمعة والجماعة.
وتعددت تفسيرات الدعاة والوعاظ، فالبعض اعتبر الفيروس جندي من جنود الله أرسله عقوبة للبشرية أو لشعوب ودول بعينها، والبعض اعتبره ابتلاءً يستوجب الصبر والتضامن، والبعض اعتبره من الفساد الذي يظهر في البحر والبر بما كسبت أيدي الناس، واختلف الفقهاء في كيفية التعامل مع إغلاق المساجد وتعليق صلاة الجمع والجماعة، وإن كانت بعض السلطات قد فرضت ذلك، وظهرت فتاوى واجتهادات بإمكانية أداء صلاة الجمعة في هذه الظروف عبر الشاشات في كل دولة على حدة.
وظهرت الاختلافات حول كيفية التعامل مع الشائعات و حتى كيفية صلاة الجناة و التعامل مع الجثامين، ولسنا هنا في سياق إدعاء الإحاطة الشرعية التفصيلية بكل هذه القضايا الحساسة وغيرها التي تؤكد حاجتنا الماسة إلى فقه جديد خاصة بالأوبئة، فهذه الأسئلة تستلزم تداعي الفقهاء لندوات ومؤتمرات عاجلة و لو عبر أدوات التواصل الرقمي لتدارس هذه القضايا والخروج برؤية شرعية فقهية مقاصدية اجتهادية تستند إلى فقه النوازل وتستأنس ببعض النصوص التي وردت في حالات مشابهة، كأحاديث الطاعون مثلاً مع التنبه لمتغيرات الزمان والمكان وطبيعة الأوبئة وتطور وسائل الفحص والعلاج.
بل إن الحاجة تتجاوز عقد ندوة أو مؤتمر لتدبر هذه المواضيع والقضايا إلى معالجة إستراتيجية من خلال إيجاد وحدة علمية خاصة بالبحوث الشرعية المتعلقة بفقه الأوبئة يستعين بتوصياتها الدعاة والوعاظ للخروج من حالة التيه والإرباك في الوضع الراهن، والاكتفاء بالإشارة إلى السبق الإسلامي في الدعوة إلى الطهارة والحجر الصحي.
وهذه دعوة مني للمؤسسات الشرعية والعلمية بسرعة التداعي للتشاور والخروج بالتوصيات العاجلة وتخصيص وحدة بحث مستمرة مع الاستعانة بأطباء شرعيين وعلماء متخصصين في الأوبئة للخروج بفقه جديد ومتجدد مع النوازل المتجددة والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.