ثروة القيم والإفلاس الأخلاقي
مع تسارع ثورات النجاح المادي في الحضارة الحديثة تعرضت القيم الإنسانية لهزات عميقة. وتحت نشوة القوة والانتصارات مارست الأنظمة الاستعمارية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين أبشع أنواع الجرائم في حق الإنسانية من جرائم استالين إلى جرائم الفاشية والنازية إلى جرائم الاستعمار في حق الشعوب المستعمرة وتشريد شعوب من أوطانها وتشريع الاحتلال الصهيوني لفلسطين واستخدام السلاح الذري في الحرب الامريكية اليابانية مرورا بالحروب العالمية التي كادت أن تحرق الأخضر واليابس. وإذا كان الضمير الإنساني حاول معالجة كارثة انهيار القيم بالإعلانات العالمية عن حقوق الإنسان والثورات التي اندلعت ضد الأنظمة الفاشية وبناء أنظمة ديمقراطية تقوم على المواطنة المتساوية وفرض دول الحق والقانون فرغم كل ذلك ما زالت تداعيات كارثة القيم الإنسانية تطرح نفسها بقوة وتكشف زيف النفاق العالمي في القضية الفلسطينية ومحاولة فرض واقع حق القوة بدلاً من واقع قوة الحق. كما يتجلى نفاق المجتمع الدولي في دعم الأنظمة العسكرية القمعية والثورات المضادة المعادية للديمقراطية وربيع الحقوق والحريات العربي. ولكن جميع قوانين التاريخ تؤكد أن الحق سينتصر ولو بعد حين وأنه كلما انهارت القيم وأصيبت المجتمعات بالإفلاس الأخلاقي وصلت الشعوب إلى الحافة تفرجت براكين الثورات التي لا تتوقف إلا بتغيير حقيقي يرسخ دولة الحق والقانون .