إعلامي إماراتي .. مستشار في علم النفس التربوي

الرضا بالواقع والطموح بالأفضل
الرضا بالحياة والقناعة بما قسم الله فضيلة وسجية نفسية محمودة تشيع في النفس اليقين والسعادة، ولكن الخطاب التقليدي يستخدم الحديث عن القناعة والرضا بصورة سلبية تتناقض مع المفهوم الإيجابي والحقيقي للرضا والقناعة.
 فالبعض يصور القناعة بأنها تكاسل عن السعي مع التخلي عن الطموح والعمل الجاد في سبيل المستقبل والسعي في مناكب الأرض لابتغاء فضل الله وتعمير الأرض وهذا التصوير يتناقض مع قوله تعالى 'هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ' فالرضا بالحياة هي تقبل المتاحات والظروف التي تخرج عن إطار سيطرتنا واعتبار هذه الظروف من القضاء والقدر وأن نعمل على تحقيق طموحاتنا في  الظروف المتاحة لنا ولا نشغل أنفسنا بالتطلع إلى ما في أيدي الآخرين الذين تختلف ظروفهم عن ظروفنا فهذا التطلع يبعث على الحسد والحسرة النفسية قال تعالى 'وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ'.
 فكل إنسان ميسر لما خلق له وعليه وأن يكدح في هذه الحياة ويعمل على تحقيق طموحاته في الظروف المتاحة له بنفس مطمئنة وبقناعة بقضاء الله وقدره، وإذا كان هناك فساد في الأرض ينتج عنه غياب لتكافؤ الفرص ووضعيات غير عادلة.
 فالقناعة والرضا لا تعني الاستسلام لهذه الأوضاع المعوجة بل السعي من أجل الإصلاح في الأرض وإقامة القسط ، والقناعة والرضا لا تعني التكاسل عن العمل والاستسلام للإحباط واليأس ولكن على العكس من ذلك تحفيز على العمل وسعي لتحقيق الآمال والطموحات دون ملل أو كلل مع الرضا بقضاء الله وقدره.
 وقد جاء في الحديث النبوي الذي رواه البخاري في الأدب المفرد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:' إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تَقوم حتى يَغرِسَها، فليَغرِسْها'