الموازنة بين الثوابت والمتغيرات موازنة عسيرة وتحتاج إلى فقه وتربية وفهم عميق ودراسات وأبحاث و تأصيلات شرعية، ولهذا يقع الكثير من شباب الدعوة وحتى بعض المشايخ والمفكرين والرموز في أخطاء الموازنة الدقيقة بين الثوابت والمتغيرات وتكون أحياناً النتائج كارثية.
وهذه ظاهرة طبيعية فجميعنا نقع في هذه الأخطاء وليس العيب أن نقع في الخطأ بل العيب أن نحجم عن العمل خوفاً من الوقوع في الخطأ أو تكرار ارتكاب الأخطاء دون الاستفادة من الدروس.
ويجب أن نعلم جميعاً أن معترك الدعوة والعمل من أجل الإسلام ليس معتركاً سهلاً فهناك الكثير من التحديات والمخاطر والتعقيدات، وهناك الكثير من المكائد والدسائس والمؤامرات، وهناك الكثير من الإغراءات والفتن والابتلاءات بأنواعها، ابتلاءات الخير وابتلاءات الشر.
والواجب في حالة اخفاق فرد أو جماعة في أي جولة من جولات الصراع مع الباطل العودة إلى محاسبة ومراجعة الذات وعدم لوم الأعداء فالأعداء لن يتوقفوا عن وظيفتهم في ممارسة جميع أنواع الحرب الخشنة والناعمة، فالواجب هو مراجعة مواقفنا في مواجهة هذه الدسائس و التعرف على مدى التزامنا بالموازنة الدقيقة بين الثوابت والمتغيرات.
فأحياناً يفرط بعض الأفراد والجماعات ببعض الثوابت تحت ضغوط الواقع فتأتي الهزيمة من هذا التفريط، وأحياناً يفرط بعض الأفراد والجماعات بواجب مواكبة المتغيرات ويتصفون بالتصلب والتشدد فيما لا يجب فيه التشدد فتأتي الهزيمة من هذا التصلب.
ولا يمكننا في مقال مختصر تبين الفروق ومعالم فقه الموازنة بين الثوابت والمتغيرات، و يكفي أن ننبه هنا إلى ضرورة الالتفات إلى هذا الموضوع المهم من رجال الفكر والفقه والتربية والدعوة، والانطلاق منه لمراجعة الذات وتقييم الأداءات.