انفرد الله عز وجل وحده بالكمال ولا يليق هذا المقام إلا بالله، وخلق الله الإنسان أطوارا يتطور من مرحلة إلى مرحلة، وعلى الإنسان أن يحرص على الاستمرار في رحلة التطور ويتوقف عن البحث عن الكمال، لأن البحث عن الكمال يحرمه لذة الشعور بسعادة الانجازات البسيطة التي تتحقق له في طريق تطوره الدائم والمستمر فيعيش العمر في تعاسة، وكلما أنجز هدفاً شعر بحالة من عدم الرضا السلبية التي تنعكس سلباً على الصحة النفسية وتجعل الإنسان يعيش في حالة توتر دائم.
ومع أن بعض التوتر والقلق لابد منهما في سبيل تحفيز النفس للخروج من منطقة الراحة السلبية، فإن القلق الإيجابي لا ينبغي أن يكون هدفه الوصول إلى الكمال بل السعي من أجل التطور الدائم والمستمر.
والذين يبحثون عن الكمال يعجزون عن التعامل مع المتغيرات الطارئة والتحديات المتجددة على عكس الذين يعملون على تطوير أنفسهم بصورة مستمرة.
والكثير ممن يبحثون عن الكمال يستسلمون لأحلام اليقظة والأوهام وعند التخطيط لتحقيق هذه الأوهام والأحلام يكتبون خططاً غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ، ويكونون في نفس الوقت أقل ميلاً للإبداع واستكشاف عوالم جديدة لأن التصور الإنساني للكمال يكون في العادة وفقاً لأنماط تصورية تقليدية يكتسبها الإنسان من بيئته وتعمل هذه التصورات على إعاقة قدراته الإبداعية للتعامل مع الظاهرة الإنسانية المعقدة والمتجددة.
و لذلك يتصف في العادة الباحثون عن الكمال بالحرص على تجنب المغامرات الإبداعية وتجنب المبادرة وللحديث بقية.