تحدثنا في مقالات سابقة كثيرة عن أهمية الهمة العالية والطموح المرتفع للنجاح والتطور الشخصي والمؤسساتي، ولكن الملاحظ أن الكثير يخلط بين الهمة والطموح المرتفع وبين رفع مستوى التوقعات، ولهذا يصطدم بعض من يرفعون سقف توقعاتهم بالواقع، وتحدث لديهم انتكاسات نفسية والاكتئاب والاحباط.
ولهذا يوصي البعض برفع الطموح وخفض مستوى التوقعات ولكن الحقيقية أن خفض مستوى التوقعات أيضا ليس هو الحل المثالي رغم إيجابياته في تحقيق التوزان النفسي والسعادة الشخصية، لأن المبالغة في خفض سقف التوقعات ستنعكس سلباً على التحفيز الذاتي للنفس من أجل تحقيق الطموح.
والنصيحة بخفض مستوى الطموحات ربما تنفع أو تكون حلاً مثالياً عندما تتعلق التوقعات بالعلاقات الشخصية وانتظار الشكر من الآخرين أو انتظار رد الجميل وفي التوقعات المرتبطة بالعلاقات العاطفية والتي يؤدي رفع التوقعات فيها والشعور بالخيبة إلى متلازمة الصدمات النفسية.
وأما في حالة التخطيط الشخصي لتطوير الذات وتحقيق الأهداف التي لا ترتبط بتوقعاتنا من الآخرين فمن الأفضل رفع مستوى التوقعات باعتدال وتوزان بحيث لا يزيد حجم التوقع عن حجم التخطيط للفعل الذي تشعر أنك قادر على القيام به حتى لا تتحول التوقعات إلى مجرد أحلام من أحلام اليقظة.
وفي المقابل لا ينبغي القيام بخفض مستوى التوقع لمجرد أنك واجهت تحدياً خارجياً أو فشلت في جولة من الجولات لأن هذا الخفض سينعكس سلباً على مستوى الطموح وعلى التحفيز الإيجابي للذات وعلى عزيمتك وإرادتك .
وفي هذا السياق ينبغي التأكيد على أنه لا بأس من التضحية بقدر من السعادة التي تتطلب الركون إلى الراحة واستبداله بسعادة استعذاب العمل الجاد من أجل تحقيق الطموح، وفي جميع الأحوال ينبغي على المؤمن أن يدرك أن عليه بذل الأسباب وأن يتوكل على الله وأن يربط طموحه بالرغبة في الحصول على رضا الله أولاً واخيراً وأن يسلم بعد ذلك بالقضاء والقدر.