في كل جمعة نقرأ فيها سورة الكهف ندعو الله عز وجل أن يلهمنا سبيل الرشد ' رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا' وفي كل جمعة أيضا نتذكر ما جاء في تاريخ الطبري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أول خطبة صلاها بالمدينة، في بني سالم بن عمرو بن عوف رضي الله عنهم' من يطع الله ورسوله فقد رشد' واستمر هذا الاستهلال في خطب الصحابة كما ثبت في صحيح مسلم من خطبة طلحة، وما يزال الكثير من الخطباء يستهلون خطب الجمعة بهذا الاستهلال.
والرشد في القرآن الكريم هو غاية الدين ومنتهى الهداية كما أدرك ذلك الجن حين قالوا' إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ' والرشد غاية العلم الذي بحث عنه الأنبياء كما فعل نبي الله موسى مع الخضر حين قال له' 'هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا'.
والسؤال هنا إذا كان الرشد يمثل هذه الأهمية فما هو الطريق إلى الرشد؟ الطريق يبينه لنا القرآن الكريم ويتثمل بالاستجابة للدعوة المحمدية والإيمان بها استجابة عملية تتجسد في واقع حياتنا' فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ'.
والطريق إلى الرشد يتطلب اجتناب طريق الغواية والضلال والكفر بجميع الطواغيت وتحرير الإرادة الإنسانية بالإيمان بالله وحده و الاستمساك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ' قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا'
والطريق إلى الرشد يتطلب تسليم الأمر لله و العمل بمقتضى هذه الاستجابة 'وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا'
نسأل الله أن يجعلنا من الذين إذا رأوا سيبيل الرشد يتخذونه سبيلا وإذا رأوا سبيل الغي لا يتخذونه سبيلا وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.