انتقل إلى ذمة الله يوم أمس المفكر الإسلامي السعودي عبدالحميد أبو سليمان وكان أبو سليمان رحمه الله رجل بأمة، وممن يعملون بصمت بعيداً عن الأضواء وممن يجمعون بين الفكر والعمل، فرغم جهوده الفكرية التنظيرية العظيمة في تقديم ' نظرية الإسلام الاقتصادية: الفلسفة والوسائل المعاصرة' وفي كتابه ' النظرية الإسلامية للعلاقات الدولية:اتجاهات جديدة للفكر والمنهجية الإسلامية' وفي بلورته لمشروع ' الرؤية الكونية الحضارية القرآنية' وتحليله 'أزمة العقل المسلم' و'أزمة الوجدان المسلم' وتوضيح' 'إشكالية الاستبداد والفساد في الفكر والتاريخ الإسلامي' -جميع ما بين الأقواس أسماء بعض أبحاث ومؤلفات الفقيد- رغم كل هذه الجهود وغيرها من الكتب والدراسات والمقالات والقصص التربوية التي كتبها للصغار والكبار؛ فقد كان للمفكر الراحل بصمات قوية في ميدان العمل والحركة والبناء المؤسساتي ويكفي أن نتذكر أن أبو سليمان كان المؤسس و الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي، وهو الرئيس الأول للمعهد العالمي للفكر الإسلامي ومؤسس الجامعة الإسلامية في ماليزيا ومن مؤسسي اتحاد الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة الأميركية وكندا، والاتحاد الإسلامي للمنظمات الطلابية و والرئيس المؤسس لمؤسسة تنمية الطفل، والمؤسس والرئيس الأسبق لجمعية علماء الاجتماعيات المسلمين بالولايات المتحدة الأميركية وكندا، ومؤسس ورئيس تحرير سابق لمجلة الأميركية للعلوم الاجتماعية الإسلامية والقائمة تطول..
وما أحوجنا اليوم إلى العودة إلى كتابه إشكالية الاستبداد والفساد في الفكر والتاريخ الإسلامي ورؤيته التي قدمها في الكتاب لإعادة تشكيـل علاقـة أعمـال الدعوة ومؤسساتهـا بالعمـل السياسـي وبرامج الأحزاب السياسية؛ ليقضى على مصادر الاستبداد والفساد، وليـصبـح الشعـب والمـواطنـون بإرادتهـم الحـرة الأخلاقية الواعية هم مصدر السلطات وشرعية القرارات. نسأل الله أن يتغمد الفقيد أبو سليمان بواسع رحمته وأن ينفع الأمة بعلمه.