دخول السنة الهجرية قد يكون مألوفاً عند الكبار ولا يثير لديهم تساؤلات عن قصة السنة الهجرية القمرية والفرق بينها وبين السنة الميلادية الشمسية، ومتى بدأ التقويم الهجري، ولماذا ترتبط معظم العبادات الإسلامية بالأشهر الهجرية كالصيام والحج؟ ولكن هذه التساؤلات تتولد في عقول الصغار وقد لا يجدون في الغالب من يجيب عنها، ولا سيما إذا كانوا في دولة غير إسلامية ولا يتلقون تعليماً شرعياً، ومن هنا تأتي أهمية التفكير في تربية الأبناء على السنة الهجرية، وأن نحاول استكشاف ما لديهم من معلومات حول السنة الهجرية والأشهر الهجرية وقصة الهجرة النبوية، والفرق بين حدث الهجرة والتقويم الهجري، ومتى ابتدأ المسلمون التأريخ بالسنة الهجرية، ومن هو الخليفة الذي وجه بذلك.
إحياء مناسبة السنة الهجرية عند الأطفال يستلزم أحياناً ربط بعض مظاهر الفرحة التي يحبها الأطفال وتتعلق بأذهانهم بمناسبة السنة الهجرية، ويمكن- حسب ظروف الأسرة- الاحتفاء ببداية السنة الهجرية بشراء هدايا للأطفال أو الاستماع للأناشيد الخاصة بذكرى الهجرة، فالهجرة النبوية والسنة الهجرية ترتبط بفضل الله ورحمته بهذه الأمة، وقد شرع لنا القرآن الكريم الفرحة بمظاهر فضل الله ورحمته علينا؛ ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا﴾، وقد شرع لنا القرآن الكريم أن نذكر نعمة الله علينا في بعض المواقف التاريخية الفاصلة، مثل غزوة الأحزاب؛ مثلاً: ﴿يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرًا﴾. ويمكن أن يشمل الاحتفاء بالسنة الهجرية تذكيراً بجميع المناسبات العظيمة التي ارتبطت بالتاريخ الهجري بطريقة مشوقة ومثيرة لاهتمام الأطفال، ويمكن تحقيق هذا الهدف بمشاهدة فيلم الرسالة على سبيل المثال.
ترتبط مناسبة الهجرة والسنة الهجرية بهوية الأمة الإسلامية الحضارية، والاعتزاز بهذه الهوية اعتزاز بالذات الحضارية والثقافية، وتربية الأبناء على الاعتزاز بهذه الذات له أهميته البالغة، ولا سيما في عالمنا المفتوح على الهويات المتعددة في عصر الفضاء الإعلامي الحديث وثورات الاتصالات والمعلومات. ولأن التعليم والمعاملات المالية والإدارية في معظم الدول الإسلامية ترتبط بالسنة المالية، فإن واجب الأسرة انتهاز كل المناسبات الدينية لتعميق الوعي بالسنة الهجرية، وهناك مناسبات دينية هجرية تفرض نفسها بقوة مثل رمضان والعيدين (الفطر والأضحى)، ومناسبات تحتاج إلى تذكير واستثمار إيجابي، ومنها بداية السنة الهجرية.
هذا وإن حدث الهجرية لم يكن في بداية شهر محرم كما يتوقع البعض، فقد كانت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في ربيع الأول، وهو الشهر الذي يوافق مناسبة ميلاد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولهذا اعتاد بعض المسلمين الاحتفاء في ربيع الأول بذكرى المولد النبوي، والاحتفاء بالسنة الهجرية في بداية السنة الهجرية لتعميق الوعي بالتاريخ الهجري، وهذه من المعلومات التي ينبغي توضيحها للأبناء، فالتاريخ الهجري جزء لا يتجزأ من هوية الأمة الثقافية والحضارية.