تأملات في قوله تعالى 'وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ'
يتقاعس البعض عن الكثير من الواجبات الشعائرية والمعاملاتية بسبب الحر الشديد في الصيف، والإسلام دين الوسطية والاعتدال و لم يكلف الناس من أمرهم رهقا، وقد وردت أحاديث نبوية تدل على مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم ظروف أصحابه أثناء الحر و منها ما جاء في الحديث المتفق عليه' إذا اشتد الحر فأبرِدوا بالصلاة؛ فَشِدّة الحر من فيح جهنم'.
ولكن النصوص في المقابل حذرت من التقاعس عن أداء الواجبات بسبب الحر أو البرد ولا سيما الواجبات المتعدية والمتعلقة بحقوق الخلق والقيام بمصالح الناس، أو واجبات الجهاد الدفاعي عند حدوث عدوان على المسلمين، أو الدفاع عن المظلومين، والحقوق والحريات، أو واجبات المساهمة في إنقاذ الآخرين من الكوارث والأوبئة ولا سيما من تتعين عليهم هذه الواجبات كرجال الإطفاء مثلاً والأطباء، و كل هؤلاء مطالبون بالقيام بأعمالهم على أتم وجه وهم مأجورون عليها بل أعمالهم تعد من أعظم الجهاد في سبيل الله وفي سبيل انقاذ حياة المستضعفين.
والتقاعس عن هذه الأعمال العظمية بسبب الحر الشديد ليس من أخلاق المؤمنين بل من أخلاق من ذكر الله سبحانه وتعالى تعللهم بالحر في قوله 'وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ' فما أحوج جميع المتقاعسين عن العبادات و الواجبات في أيام الحر إلى تأمل هذه الآية الكريمة واستنهاض طاقاتهم لأدواء واجباتهم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يعتق رقابنا من حر جنهم.