عندما يتم ذكر مصطلح مراجعة الذات ومحاسبتها تنصرف الأذهان في الغالب إلى المحاسبة الإيمانية ومراجعة الذات المرتبطة بالتنمية البشرية وتطوير المهارات والقدرات ونحو ذلك، ومن النادر أن نجد من يتحدث عن المراجعة الأخلاقية رغم أن الأخلاق هي التجلي العملي والواقعي للإيمان وهي أساس تنمية الذات، فلا إيمان لمن لا أخلاق له، والنجاح بدون أخلاق هو مجرد نجاح مادي يخلو من المعنى ومن المقاصد السامية للسلوك الإنساني.
بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربط مقصد الرسالة بالأخلاق فقال:'إنما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ مكارِمَ الأخلاق' وهذا يجعل صاحب الإيمان السليم في وعي دائمة نحو تقويم الأخلاق كمقصد من مقاصد الإيمان الرئيسية.
والأخلاق الإنسانية قابلة للتعديل والتغيير والتزكية والتصويب فقد أودع الله في الإنسان استعدادات للخير والشر ومنحه الحرية التي من خلالها يقرر مصيره فإما أن يدافع نوازع الشرِّ في نفسه ويرقى بتجلياتها الأخلاقية فيكون من المفلحين' قد أفلح من زكاها' وإما أن يستسلم لنوازع الشر والفجور فتقوده إلى الهلاك ' وقد خاب من دساها'.
وما أحوجنا مع رحيل عام وإقبال عام هجري جديد إلى إعلان الهجرة من أخلاق السوء إلى الأخلاق الحسنة وإعلان الهجرة من الطباع السلبية إلى الطباع الإيجابية، ومراجعة سلوكياتنا مع عائلاتنا ومع جيراننا ومع إخواننا ومع أصدقائنا وزملائنا في العمل ومع غير المسلمين أيضاً.
إن التاريخ يؤكد أن الإسلام انتشر في الكثير من بقاع الأرض بسبب أخلاق المسلمين الحسنة مع غير المسلمين، فهل ما زالت أخلاقنا اليوم تقوم بهذا الدور؟ وهل أخلاقنا اليوم كما كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم قرآناً يمشي على الأرض؟
نسأل الله أن يهدينا إلى أحسن الأخلاق إنه لا يهدين إلى أحسنها إلا هو وأن يصرف عنا سيئات الأخلاق.