حتى تكون التربية على بصيرة فلا بد أن تعتمد على كفايات معرفية تساعدنا على تفسير سلوك الأبناء ومعرفة كيفية تغيير السلوكيات غير المرغوبة وكيفية ترسيخ السلوكيات المحمودة، وهذه الكفايات تستلزم الإحاطة بالتغيرات التي تحدث للأبناء بمراحل النمو المختلفة والتي تشمل المرحلة الجنينية ومرحلة الرضاعة ومرحلتي الطفولة المبكرة والمتأخرة ومرحلتي المراهقة المبكرة والمتأخرة وما يمر به الأبناء خلال هذه المراحل من تحولات فيسيولوجية ونفسية واجتماعية والخصائص النفسية للأبناء في كل مرحلة ومعرفة الآباء بهذه الخصائص تساعد على تمكينهم من التعامل الحكيم مع الأبناء في كل مرحلة بما يتفق مع خصائصها ومتطلبات كل مرحلة مع الوعي بالفروق الفردية والمشاكل التي يعانيها الأبناء في كل مرحلة عمرية.
يشير بعض الخبراء إلى أن الوالدين يرتكبون أخطاءً كثيرة في تربية الأبناء، بسبب الجهل بعلم مراحل النمو وتأثيرات المراحل ومتطلباتها، فأحياناً يعتقد بعض الآباء أن الابن ما يزال صغيراً على تقديم بعض النصائح، بسبب صغر سنه والاعتقاد بعدم استيعابه، وأحياناً يحدث العكس فيعتقد الآباء أن الأبناء يدركون السلوك الصحيح من الخطأ بدون توعية، وأحياناً يعتقدون أن الطفل لا يستطيع القيام ببعض المهام فيقومون بتأديتها نيابة عنه، وأحياناً يستخدم البعض عقوبات لا تتناسب مع المرحلة العمرية، وكل هذه الأخطاء وكثير من أمثالها من نواتج الجهل بعلم مراحل النمو والجهل بالتغيرات التي تحصل في حياة الأبناء من جوانب نمو فسيولوجي أو نفسي أو اجتماعي، من هنا تأتي أهمية التثقيف التربوي للوالدين.
دراسة علم النمو لا تقتصر فقط على التعرف على المتغيرات التي تظهر على الأبناء والمتغيرات الداخلية ولكنها تهتم أيضاً بدراسة المؤثرات الخارجية على النمو نفسه وعلى السلوك، ويشمل ذلك دراسة تأثير الوراثة على النمو وانتقال بعض خصائص الوالدين إلى الأبناء وتأثير البيئة وما تتضمنه من عوامل مادية وثقافية وحضارية وتأثيرات الغذاء على وظائف الجسم والهرمونات والغذاء المناسب لكل مرحلة، والإحاطة بكل هذه المؤثرات يساعد الوالدين على تهيئة البيئة السليمة للتربية والتغذية المناسبة والتعامل السليم مع الخصائص المكتسبة من الآباء والتعرف على أي انحرافات أو اضطرابات تتعلق بالمثيرات الخارجية أو بالقدرة على التكيف.