تختلف تصورات الناس لراحة البال وطمأنينة القلب، فيتوهم البعض أن راحة البال في التخلي عن المسؤولة الأخلاقية والإنسانية والدينية والوطنية تجاه الإنسانية وتجاه قضايا الأمة و تجاه قضايا البيئة وتجاه جميع القضايا العادلة التي تدخل في إطار مسؤولية الفرد بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والتي يستطيع الفرد أن يؤدي واجبه تجاها بكل ما يستطيع. والحقيقة أن هذا التصور لراحة البال تصور سطحي وساذج يجرد الحياة الإنسانية من معانيها العميقة.
إن راحة البال الحقيقية وطمأنينة القلب العميقة لا تتحقق إلا بذكر الله عز وجل ومحبته و معيته، وإذا أحب العبد الله حباً حقيقاً فإن هذه المحبة تدفعه إلى استعذاب كل عذاب في سبيل الله والمستضعفين.
وكما يتلذذ العاشق في العمل على تلبية رغبات المحبوب ولو كانت ثقيلة على النفس ويجد في ذلك راحة البال وطمأنينة القلب وسعادة لا تدانيها سعادة فإن علاقة المؤمن الحق بالله عز وجل تتجاوز علاقة العاشق بمعشوقه وتتجاوز كل حدود المحبة، وتصل إلى مرحلة الاستعداد للتضحية بالنفس والنفيس، والاستعداد لتحمل ضنك الحياة والتشرد حين تفرض عليه الظروف ذلك وبدون أي ممانعة ، ولا يعني ذلك أن يطلب المؤمن البلاء ولكنه إذا نزل البلاء بساحته لا يتزعزع ويواجهه برباطة جأش و قلب مطمئن وتلكم هي راحة البال الحقيقية والطمأنينة الحقة.