وذهب رمضان وجاء شوال، وهكذا ترحل الأيام وترحل معها أعمارنا وسجلات الأعمال، ولا يبقى إلا ما يضيء لنا طريق المستقبل في الدنيا والأخرى، و يجب أن نكون قد خرجنا من مدرسة رمضان بهذا النور الوهاج الذي سيجدد طاقاتنا لسنة كاملة نسير فيها على درب الإيمان، و نضرب فيها في الأرض في سبيل الله ونعمل على عمارتها أداءً لواجب الاستخلاف، ونمنع الفساد فيها ونحارب الطغيان، و نبدد ظلمات الغفلة، ونصنع النهضة ونحتسب كل أعمالنا في سبيل الله.
لقد كان الهدف الأسمى من رمضان هو تحقيق التقوى في نفوسنا، وتصحيح العلاقة بيننا وبين الكتاب الذي يهدي إلى التي هي أقوم وإعدادنا للطاعة المستدامة' واعبد ربك حتى يأتيك اليقين'
صحيح أن رمضان كان شهر استنفار للعبادات الفردية الفرائض منها والنوافل، وليس من المنطقي مطالبة الناس بالاستمرار بالعبادات الفردية بعد رمضان على نفس منوال رمضان إلا من كان من أهل العزم، وما يعنينا جميعاً أن نخرج من رمضان بروح الطاعة المستدامة بالحرص على أداء الفرائض واجتناب المحرمات وتسخير حياتنا كلها في سبيل الله تحقيقاً لغاية الصيام ' لعلكم تتقون'.
المحرومون من الطاعة المستدامة بعد رمضان هم الذين يعتبرون رمضان شهر للعبادة الموسمية ويعتقدون أن العبادة في رمضان تغني عن سائر العام، وهؤلاء بمجرد أن ينقضي رمضان يعودون إلى المعاصي ويفرطون في الواجبات ولا يقيمون اعتباراً للنوافل قليلها وكثيرها وهؤلاء ينبغي تذكيرهم بقوله تعالى ' ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا' نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ويرزقنا الثبات في الأمر والصدق في القول والعمل.