ساعات أو لعلها دقائق معدودة ويطوي الشهر المبارك صفحاته ويطوي معه صفحات أعمالنا، التي نسأل الله أن نستلمها يوم القيامة باليمين، وأن يعفو عن تقصيرنا وتفريطنا في أمرنا،' يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا '.
ونسأل الله أن يجعلنا ممن صام رمضان إيماناً واحتساباً وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأن يعيننا على الخروج من مدرسة هذا الشهر مؤهلين لمكابدة الحياة بعد رمضان بروح إيمانية عامرة بالتقوى وإنما يتقبل الله من المتقين، ومن خصائص المتقين عدم الاغترار بالطاعة تحقيقاً لقوله تعالى 'يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة'.
وعدم الانقطاع عن الطاعة بعد رمضان حتى لا نكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، والتحقق بالطاعة المستدامة، ولا يعني ذلك الاستمرار بنفس الوتيرة في أداء بعض العبادات الخاصة، فلا شك أن ثمة خصوصيات لبعض المناسبات تستدعي استنفار الطاقة أكبر للعبادات الفردية ولكن الطاعة المستدامة المطلوبة بعد رمضان هي تحقيق التقوى في العبادات العامة في حياتنا اليومية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وسائر شؤون حياتنا 'قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين' مع المداومة على الحد الأدنى من النوافل ولو كانت مما قل واتصل.
نسأل الله أن يجعل الشهر الكريم مرتحلاً بذنوبنا وأن نكون فيه من المقبولين وأن يتقبل صالح الأعمال ويتجاوز التقصير، ويعيننا على الطاعة المستدامة.