بشروق شمس اليوم يبدأ يوم السابع عشر من رمضان وتحل علينا ذكرى تاريخية عظيمة ليوم من أيام الله أراد الله أن يكون بداية المواجهة الفاصلة بين الحق والباطل بعد أن أذن الله للمظلومين بالدفاع عن أنفسهم وعن حرياتهم في العقيدة وحقهم في بناء دولتهم ومشروعهم الحضاري التوحيدي 'أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله'.
لقد كانت معركة بدر معركة الفرقان بين الحق والباطل وبين الوثنية والتوحيد و أراد الله لهذه المعركة أن تكون معركة فاصلة وبداية للمواجهة الحاسمة مع الشرك فلم يخرج المسلمون في بدر لقتال بل أرادوا الحصول على بعض حقوقهم التجارية بأقل الخسائر ولكن الله قدر لهذا الخروج تقديراً أخر' وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم، وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم، ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين'.
وهكذا تبين للمسلمين أن الطريق إلى إحقاق الحق يحتاج إلى تضحيات جسيمة' يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم' وقد كان للصحابة الذين فازوا بشرف المشاركة في هذه المعركة شأناً خاصاً وتقديراً مختلفاً عن غيرهم، لأنهم أثبتوا صدق ولائهم عند اشتداد المحنة وفي مرحلة التأسيس وفي أول مواجهة مع الباطل حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم ' لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم'.
وكان من أهم شروط النصر في هذه المواجهة الثبات والاتصال بالله عز وجل 'يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون'.
ومن شروط النصر الإخلاص لله والتواضع لله' وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ'.
ولن نتمكن من استيفاء كل الدروس والعبر في هذه التناولة القصيرة ولكننا ندعو إلى تخصيص هذا اليوم للعودة إلى كتب السيرة وقراءتها مع الأبناء أو الأصدقاء واستخراج الدروس والعبر التي نحتاج إليها في واقع حياتنا.
ونسأل الله أن يعيد لهذه الأمة عزتها وكرامتها وأن يهيأ لها أمر رشد تتحرر فيه شعوبها من سلطات القمع والتبعية، وتبني مشروعها الحضاري الإنساني العالمي.