مع غروب شمس هذا اليوم دخلت ليلة الخامس عشر من رمضان وهذا يعني أن النصف الأول من شهر قد طوى صفحاته، وبقي معنا الشطر الآخر والأهم والذي يتضمن العشر الأواخر المباركات من الشهر المبارك ويتضمن الليلة المباركة التي هي خير من ألف شهر.
وفي منتصف كل مرحلة تتوفر فرصة للمراجعة والتأمل في حصاد النصف الراحل والاستعداد للنصف المقبل، والمراجعة في منتصف رمضان يجب أن تكون مراجعة كمية وكيفية وتشمل مراجعة مدى تحقيق الأهداف التي وضعناها لأنفسنا تحديدا كمياً، ومدى تأثير ما تم انجازه في حياتنا الشخصية، وتقييم الآثار على سلوكياتنا وقربنا من الله عز وجل وعلى واقع علاقتنا بأسرنا ومجتمعنا وأمتنا، ومدى تأهلنا لإنجاز المزيد من الأعمال الصالحة، ومدى تحقيق الصيام للتقوى في أنفسنا.
ومن علامات تحقيق الصيام للتقوى هو الحرص على محاسبة النفس في منتصف الشهر على ماذا قدمت لغد قال تعالى 'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ' فالآية الكريمة تربط بين التقوى وبين محاسبة النفس على ما قدمت للغد ومن لم يحاسب نفسه في مثل هذه المواسم فمتى سيحاسبها؟ ومن لم يستثمر تصفيد الشياطين وأجواء رمضان الربانية في إعلان التوبة واللجوء إلى الله والاستغفار وتجديد العهد مع الله على حياة جديدة فمتى سيفعل ذلك؟ ومن لم يبادر من الآن وقبل بداية العشر الأواخر من رمضان إلى الاستغفار واستنفار نفسه للاستفادة من مدرسة رمضان والإقبال على القرآن والانفاق في سبيل الله فمتى سيفعل ذلك ؟ نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لمحاسبة أنفسنا وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.