تحدثنا في مقال الأمس عن السرعة الخاطفة التي تمر بها أيام وليالي رمضان وعن دور رمضان في تنمية إحساس المسلم بحركة الوقت، و نشير هنا إلى أنه رغم هذه الأجواء التي تتوفر لتنمية الشعور بالزمن وأهميته فإن شكوى عدم القدرة على إدارة الوقت في رمضان تتكرر، والكثير منا لا ينته للوقت الضائع إلا في الوقت الضائع ومن هنا تأتي أهمية التفكير في كيفية إدارة الوقت فيما تبقى من رمضان.
ونشير في البداية إلى أن هذه المشكلة في الغالب تواجه صنفين: صنف لديه قدر كبير من اللامبالاة، وهؤلاء بحاجة إلى تذكير إيماني وتحفيز بقصص الصالحين والناجحين وحرصهم على إدارة أوقاتهم، ويكفي أن نقرأ مثلا في سير الصالحين أن داود الطائي كان يشرب الفتيت ولا يأكل الخبز فسألوه عن ذلك فقال: بين شرب الفتيت وأكل الخبز قراءة خمسين آية وأن نقرأ قصة عامر بن قيس عندما قال له أحدهم كلمني فقال له أوقف الشمس.
والصنف الثاني ممن يتهاون في التخطيط لقضاء وقته في رمضان هم أشخاص قد يكونون من أصحاب الهمم العالية ولكنهم يظنون أنهم يمكنهم استثمار الوقت بطريقة عفوية دون الحاجة إلى خطة، وهذه المنهجية العفوية قد تنجح مع أشخاص نادرين من العصاميين من ذوي العزائم القوية والقدرة على الاستحضار الذهني لأهدافهم وأعمالهم اليومية والابتعاد عن المشتتات والذين يسعون بجهد ودأب من أجل انجاز أعمالهم، ولكن ما يصلح لهؤلاء القلة لا ينبغي أن يقاس عليه.
ولهذا فإننا نؤكد أن الإيمان العميق بأهمية الوقت مع التخطيط الدقيق هما المقدمة الصحيحة لاستثمار الوقت في رمضان وفي غيره، ومن فاته في التخطيط في بداية رمضان يمكنه تفريغ نصف ساعة أو ساعة لوضع خطة للأيام الباقية وهي الأكثر، فمثل هذه الساعة ستوفر له الكثير من الساعات المعرضة للهدر.
و نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لاستثمار أوقاتنا في الأعمال الصالحة.