توقفنا في مقال الأمس أمام شروط تحقيق التدبر وهما التأهيل والتهيئة ونعني بالتأهيل تأهيل النفس لقابلية التدبر بالحرص على تحقيق التقوى وبلوغ مقام الإحسان، ونعني بالتهيئة، تهيئة النفس للامتثال لمخرجات التدبر وتحقيق مراد الله في واقعنا.
ونتطرق اليوم لكيفية تربية الأبناء على تدبر القرآن، وتأتي أهمية هذا الموضوع لأن مؤسسات التعليم الديني تهتم في الغالب بالتحفيظ وتعليم تجويد القراءة ولا تتوفر لها كفايات التربية على التدبر ولهذا ينبغي على الأسرة محاولة القيام بهذه المهمة في المنزل، و يمكن لرب الأسرة تنظيم جلسة تدبر في المنزل تبدأ بتحضير رب الأسرة لدرس التدبر بصورة جيدة والعودة إلى كتب التفاسير وتصحيح النية والتفاعل مع النص لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
و يلي ذلك تعليم الأبناء أهمية تأهيل أنفسهم لتدبر القرآن بالابتعاد عن معاصي الجوارح كالغيبة والنميمة والتنابز بالألقاب وغيرها ومعاصي القلوب كالحسد والحقد وغيرها، والوضوء قبل جلسة التدبر يساعد على التهيئة النفسية.
وقبل بداية التدبر يطلب من الابناء تحضير أوراق وأقلام ويتم شرح آداب الاستماع وأهمية الاستعاذة من الشيطان قبل قراءة التدبر و التذكير باستحضار النية ويمكن قبل قراءة رب الأسرة لمقطع التدبر أو الاستماع إلى قارئ بصوت مؤثر يساعد على التدبر.
وبعد القراءة يطلب من كل ابن كتابة أهم الدروس المستفادة من الآيات و ثم يبدأ يناقش ما كتبه الأبناء ويوضح ما أغفلوه ويؤكد على أهمية أن يتعامل كل ابن مع النص القرآني باعتباره خطاب موجه له شخصياً.
ويمكن تنويع جلسات التدبر وعلى سبيل المثال إذا كانت الآيات تتعلق بآيات الله الكونية يستحسن أن يكون درس التدبر في رحلة قصيرة في الطبيعة أو في حديقة أو على البحر حسب مضمون الآيات.
وكلما كان الأب حريصاً على تربية نفسه وأبنائه على التدبر فإنه سيهتدي بعون الله إلى الكثير من الوسائل المساعدة في التربية على التدبر.