سواءً كانت التربية مشتقة من فعل ربا يربو بمعنى زاد ونما، أو ربى يربي بمعني نشأ وترعرع فهي تأخذ معنى التنمية، فالتربية كما يقول علماء اللغة تنمية الشيء حالاً فحالاً حتى يصل إلى مرحلة التمام.
ومسؤولية الأسرة في التربية لا تقتصر على التنمية الجسدية، فالتنمية الجسدية تقوم بها حتى الكثير من الحيوانات في تنمية صغارها وتعهدهم بالرعاية، والكثير من الأسر في المجتمعات المادية تضيف إلى التنمية الجسدية تنمية أخرى تتمثل بإعداد الأبناء للحياة والعمل بواسطة النظام التعليمي الذي توفره الأسرة ويوفره المجتمع لغرض توظيف طاقات الأبناء في عملية التنمية الاقتصادية.
وهناك مسؤوليات خاصة ذات أهمية كبرى تنفرد بها الأسر المؤمنة وتتمثل بالتنمية الإيمانية لإعداد الأبناء لممارسة الدنيا بأبعاد أخروية، وتصويب مسارات الإقبال على الدنيا فيما لا يضر البشرية وفي تحقيق المصالح ودرء المفاسد ابتغاء وجه الله والدار الأخرة ووفقاً لصبغة الله ومن أحسن من الله صبغة.
والتنمية الإيمانية هي السبيل إلى تأدية الأسرة واجبها في حماية الأبناء من الهلاك في الأخرة تلبية لنداء القرآن الكريم 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ'.
وأول واجبات التنمية الإيمانية الأسرية تتمثل في حرص الأبوين على أن يكونا قدوة عملية للأبناء في استحضار القيم الإيمانية، والرقابة الإلهية وإمامة المتقين والتخلق بأخلاق عباد الرحمن 'الذين يقولون ربنا هَب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما' ولنا بإذن الله وقفات أخرى حول دور الأسرة في التنمية الإيمانية.