تناولنا في مقال الأمس أهمية التنمية الإيمانية في حياة الفرد المسلم وانعكاساتها الإيجابية على المجتمع الإسلامي وعلى سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وأكدنا على ضرورة تبوؤ هذه التنمية رأس قائمة أولويات الفرد المسلم والأسرة المسلم والمؤسسات التربوية الإسلامية.
وفي لغة القرآن الكريم جاء التعبير عن التنمية الإيمانية بمصطلح التزكية والتزكية في اللغة هي الزيادة والنمو يقال زكا الزرع يزكو زكاء أي ازداد و نما، فالتزكية هي التنمية، والتزكية والتنمية للإيمان هي مسؤولية الفرد في المقام الأول وقد أكد القرآن الكريم على المسؤولية الفردية في التنمية الإيمانية في آيات كثيرة منها قوله تعالي' قد أفلح من زكاها' وقال في التعليق على قصة ابن مكتوم رضي الله عنه:” وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى' وأشار القرآن إلى مسؤولية من يترك تنمية إيمانه عن نفسه في قوله تعالى' وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى'.
ومن الطبيعي أن تكون المسؤولية عن التنمية الإيمانية مسؤولية فردية فالفرد هو المسؤول عن اختيار مصيره في الآخرة بموجب مسؤولية التكليف القائمة على حرية الاختيار والفرد هو المتضرر الحقيقي من عدم تنمية إيمانه وانغماسه بالغفلة أو الجحود والفرد هو المستفيد الأول من تنمية إيمانه وتزكية نفسه بتنمية الخير والإيمان' وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِير' ' مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى' فلا ينبغي لأي فرد مسلم أن يتعلل بأنه لم يحصل على التنمية الإيمانية في بيئته وأسرته فهو المسؤول الأول والحقيقي عن تحديد مصيره وبناء شخصيته الإسلامية المتكاملة.