من الحكم القديمة التي رددها الفلاسفة والحكماء من قبل الميلاد أن الأشياء ليست هي التي تصنع السعادة أو الشقاء للإنسان، ولكن طريقة تفسير الإنسان لهذه الأشياء هي التي تفعل ذلك، وهذه الحكمة تتقاطع مع الفهم الصحيح لقوله تعالى' إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم'.
ومن الأشياء التي تختلف انطباعات الناس ومشاعرهم حولها تأثيرات أجواء البرد القارس في أيام الشتاء، فالبعض يستسلم للجانب السلبي في ظاهرة البرودة وينظر إلى النصف الفارغ من الكأس بنظارة سوداء لا ترى في الشتاء إلا الانكماش والعزلة وقشعريرة البرد وتقييد قدرات الإنسان عن التواصل والليالي الطويلة، فتتداعي في خياله الصور السلبية وتحاصره بمشاعر كئيبة تحد من حركته وعطائه وإبداعه.
والأصل أن يتكيف الإنسان مع كل الظروف وأن يدفعه تحدي الشتاء إلى استكشاف الطاقة الإيجابية والاستفادة من الاجواء التي يوفرها الشتاء للنوم العميق واستثمار البقاء في المنزل وليالي الشتاء الطويلة في القراءة و التفكر، وفي المناطق الماطرة يمكن التعرض للمطر والشعور بالانتعاش والتماهي مع الوجود و التأمل في الظواهر الكونية.
وعند مقاومة الشعور بالرغبة بالانكفاء على الذات والانطلاق نحو الحياة الطبيعية سنكتشف طاقة إيجابية هائلة تسري في أجسامنا وتدفعنا للمزيد من المغامرة دون شعور بالملل أو التعب.
ومن الملاحظ أن الناس في مناطق الطقس المتجمد والبرودة القارسة أكثر نشاطاً وحيوية من أبناء المناطق الحارة، فالبرد يولد لدينا الرغبة في الحركة لتنشيط الدورة الدموية ويحفزنا على البحث عن مصادر الطاقة في الغذاء وعن مصادر الطاقة المولدة للدفء، فلنتوقف عن الاستسلام للتفكير السلبي ونعمل على استكشاف الطاقة الايجابية في هذه الأيام الباردة.