في غمرة انشغالنا في الحياة الدنيا تدركنا الغفلة عن ابتغاء الآخرة في أعمالنا الدنيوية وابتغاء رضوان الله، ويظن البعض أن ابتغاء الآخرة يقتصر على الشعائر التي نؤديها بقلوب خالية من المشاعر وعقول لا تستوعب مقاصدها فجميع الأعمال الصالحة الشعائرية والمعاملاتية والعادات الدنيوية يبتغي بها المؤمن وجه الله ورضوانه.
فما الحياة الدنيا إلا محطة اختبار للتأهل لحياة الخلد، والفناء في الحياة الدنيا إنما هو فناء للجسد لا للروح والجوهر، فقد خلق الله الناس للبقاء وللخلد وما الموت إلا رحلة من دار الفناء إلى دار البقاء وكما قال الشاعر: خُلق الناس للبقاء فضلّت،،، أمّة يحسبونهم للنّفاد،،، إنّما يُنقَلون من دار أعمالٍ،،، إلى دار شِقوة أو رَشَاد،،.
فماذا أعددنا لرحلة الخلد؟ الجواب التقليدي عن هذا السؤال هو اعتقاد البعض أن الزاد المطلوب لرحلة الخلد هو المناسك والشعائر فقط، مع ان القرآن الكريم يعلمنا في أكثر من موضع أن نسكنا وحياتنا وشعائرنا ومشاعرنا وأفكارنا وخواطرنا وشواردنا وكسبنا في هذه الدنيا بل واشباع غرائزنا وشهواتنا المباحة كل ذلك في سبيل الله 'قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين'
وقد جعل الله الغاية من خلق السموات والأرض وخلق الحياة هي ابتلاء قدرات العباد على إحسان العمل الصالح الذي يجب أن يشمل إصلاح الفرد والمجتمع، وإصلاح الأرض والعمل على تحسين الحياة الإنسانية 'وَهُوَ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ وَكانَ عَرشُهُ عَلَى الماءِ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا'