لكل مخترع إيجابياته التي يجب استثمارها وتوظيفها في الإطار الصحيح، وسلبياته التي يجب الحذر منها والحماية من مخاطرها، وفي عصر الشاشات يتحدث الناس عن نعمة التواصل التي حققها هذا المنجز الرقمي وتقريب الأباعد وردم فجوة الشعور بالغربة، ولكنهم في الغالب يتجاهلون تأثيراته السلبية في تبعيد الأقارب وتوسيع الفجوة الحميمية في مؤسسة الأسرة وتحديداً الفجوة بين الأبناء والآباء.
وقد تطرقت بعض الدراسات العلمية إلى مخاطر المنجز الرقمي على توسيع الفجوة بين الآباء والأبناء وأشارت دراسة نشرتها مجلة “Child Development” إلى أن فجوة التواصل بين الآباء وأبنائهم بسبب استخدام الشاشات الرقمية يولد اضطرابات نفسية لدى الأبناء ويجعلهم في حالة من التوتر من مظاهرها العصبية الأرق.
وهناك مشكلات أخرى تنجم عن إدمان الآباء على الشاشات تتمثل بتعرض الأطفال لحوادث خطيرة وقاتلة بسبب انشغال الوالدين بالهواتف الذكية، فقد تناقلت الأخبار قبل فترة وفاة طفل تعرض للدهس بسيارة عابرة عندما انحرف عن مساره في الطريق مع انشغال والدته بالهاتف الذكي.
ومن المخاطر الناتجة عن إدمان الآباء على الشاشات هي تركهم العنان للأبناء للتعرض للشاشات ومواقع التواصل دون أدنى مراقبة أو متابعة ومساندة، و ما يترتب عن ذلك من مخاطر كثيرة تطرقت إليها دراسة كويتية حديثة من زاوية المسؤولية القانونية، وتناولت المسؤولية الجزائية للآباء عن تعريض أبنائهم لمخاطر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في تشريعات دولة الكويت.
وخلصت الدراسة إلى تراجع دور الأسرة في تربية الطفل وتنشئته بطريقة سليمة بسبب ما خلفته الثورة الهائلة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأكدت الدراسة اتساع الفجوة في العلاقة بين الآباء والأبناء، إلى درجة أن مسألة الرقابة من قبل الآباء على أبنائهم ومتابعتهم أثناء استخدامهم أدوات تقنية المعلومات أصبحت أكثر صعوبة عليهم.
وهدفت الدراسة إلى توضيح إمكانية مساءلة الآباء جزائيا حــال تعريض أبنائهم للخطر عــند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وذلك وفقاً للتشريعات الحديثة للطفل التي صدرت في دولة الكويت.