روى الإمام أحمد في حديث صححه الألباني حديثاً عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال' من أتى أبواب السلطان افتتن' وفي رواية 'وما ازداد عبدٌ من السلطانِ قُربًا ؛ إلا ازداد من اللهِ بُعدًا' وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه 'إن على أبواب السلطان فتنا كمبارك الإبل، لا تصيبوا من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينكم مثله'.
وهذه الآثار لا تشمل من يدخل على السلاطين وهو لا يخاف في الله لومة لائم ولا يدخل عليهم ناصحاً آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، فهذا سيد المجاهدين كما جاء عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال 'إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر'.
وإذا تأملنا مسار العلماء الذين يصيغون الفتاوى بناء على أهواء السلاطين، يؤذون بفتاويهم المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا، ويشرعون المظالم، ويبررون قمع المظلوم وبيع مقدسات المسلمين وخيانة قضاياهم، لو تأملنا في كل هذه الانحرافات لعرفنا أسرار تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة الدخول على السلاطين، وعرفنا لماذا كان علماء الحديث يرفضون رواية الحديث على الذين يدخلون أبواب السلاطين.
و روى كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:' أنه سيكون بعدي أمراءُ فمن دخل عليهم فصدَّقهم بكذبِهم وأعانهم على ظُلمهم فليس مني ولستُ منه وليس بواردٍ عليَّ الحوضَ ومن لم يدخلْ عليهم ولم يعنْهم على ظلمِهم ولم يصدِّقْهم بكذبهم فهو مني وأنا منه، وهو واردٌ عليَّ الحوضَ' صححه الترمذي وابن حجر وابن حبان.
ودخول علماء السلاطين على السلاطين وإعانتهم على ظلمهم وفسادهم لا يفسد فقط دين العلماء ودين الأمة ولكنه يفسد أيضاً دنيا الناس ويحول المعروف إلى منكر والمنكر إلى معروف ويشيع ثقافة الفساد في الأرض نسأل الله الثبات على الحق وأن يحشرنا مع الصادقين غير فاتنين ولا مفتونين.