يحتار الكثير من الآباء والأمهات في طرق التربية الأكثر فاعلية، ولا يمتلك الكثير من أولياء الأمور في ظل زحمة مشاغل الحياة والتعقيدات العصرية الكثير من الوقت للاطلاع على الدراسات التربوية للتعامل مع الحالات التي قد تحير حتى الكثير من المتخصصين نظراً لطبيعة الظاهرة الإنسانية المعقدة و التي لا يتناسب معها اعتماد علاج واحد لحل جميع المشكلات المتشابهة، وفي هذه الحال يلجأ الكثير من الناس إلى التعامل بالتربية العفوية والتي قد تصيب وقد تخطئ.
و تقدم لنا الدراسات الحديثة نصيحة تربوية مختصرة تلخص الكثير من دروس التربية: وهو اللجوء إلى تربية اللين والرفق في غالب الأحوال، وهذه النصيحة رغم حداثتها في علم التربية الوضعي إلا إن جذورها في تربيتنا الإسلامية واضحة بينة في القرآن والسنة والسيرة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى تأثيرها الساحر في قوله تعالى' فبما رحمةٍ من الله لِنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر' وأكدت السنة النبوية أهمية الرفق ' عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ فَإِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ' وقد جسد النبي صلى الله عليه وسلم هذه التربية التي تقوم على الدفء الأبوي في أكثر من موقف ويكفي أن نتأمل هنا ما رواه النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو على منبره يخطب فجاء الحسن والحسين رضي الله عنها وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من على المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: 'رأيت هذين يمشيان ويعثران في قميصهما فلم أصبر حتى نزلت فحملتهما'. ولأهمية هذا الموضوع سنعود إليه في مقالات قادمة.