من العبارات التي تشيع على ألسنة الكثير من الدعاة أن الحياة في سبيل الله أكثر صعوبة من الشهادة في سبيل الله، وهذه العبارة تحمل الكثير من الصواب ولكن يمكن تفسيرها على سبيل الخطأ أيضاً إذا لم ندرك معناها الحقيقي.
فالحياة في سبيل الله حياة شاقة ولكنها ليست حياة شقاء، وحياة مجاهدة ومكابدة دائمة ولكنها مكابدة تعشقها النفوس الحرة، وتستعذبها الأرواح الطاهرة التي تستوعب معنى قوله تعالى'قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ'.
وتجد النفوس المؤمنة المتحررة من أغلال العبودية لغير الله راحتها في عبادة المعبود كما يجد العاشق راحته في خدمة معشوقه ولو كلفه ذلك المشقات وهذا معنى الحياة الطيبة التي يجدها المؤمن وهو يعيش في حالة مجاهدة دائمة مع الظلم، سواءً انتصر أو انهزم، ويجدها في المعتقلات كما يجدها وهو يتبوأ المسؤوليات ويجد في صحته ورخائه شاكراً ويجدها في مرضه وشدته صابراًّ'مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ'.
الحياة في سبيل الله تعني أن تقارع الظلم والفساد في الأرض بالعمل الصالح وكل وسائل المدافعة المشروعة، وأن تعمل على عمارة الأرض وتبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة وأن ينشغل البعض بالصناعة والبعض بالتجارة و البعض بالبحث العلمي وكل إنسان فيما يحسنه ويبتغي الجميع بذلك وجه الله.