في السنوات الأولي من المرحلة الدراسية نتعلم لكي نقرأ، وبعد ذلك نقرأ لكي نتعلم، والأصل أن تكون طريقة تعليم القراءة نفسها طريقة مزدوجة لتعليم القراءة وتعليم كيفية التعلم في وقت واحد تنطلق من واقع خبرات المتعلم ومعارفه.
لأن المعرفة حسب النظرية السياقية هي معرفة بنائية تتفاعل فيها البنية العقلية للمتعلم مع خبراته الواقعية ومعارفه وتصوراته السابقة، وهذا يعني أن أول خطوة يجب أن نتعلمها لكي نتعلم كيف نتعلم هي محاولة الربط بين المعرفة الجديدة والمعرفة السابقة، والتفكير في المعرفة الجديدة في ضوء خبراتنا، وبعد ذلك تأتي خطوات التحليل والمقارنة والتفكير في توظيف المعرفة الجديدة في الواقع العملي ومحاولة اختبارها.
وعند اختبار المعرفة الجديدة قد نلاحظ أن المعرفة التي نمتلكها لا تكفي لمعالجة المشكلة فنبحث عن معرفة جديدة، أو قد نكتشف مجالا جديدا لاستخدام المعرفة، أو تتولد لدينا معرفة إبداعية جديدة، وهكذا تنمو المعرفة في سياق حي وعملي وبطريقة بنائية تحفز التفكير وتشجع على الابداع.
وفي جميع الأحوال فإن من أهم الواجبات المنوطة بالمؤسسات التربوية هي تعليم المتعلمين كيفية التعلم، فنحن نعيش اليوم عصر ثورة المعرفة، والتعليم القائم على تزويد الطلبة بالمعرفة فقط يفقد قيمته سريعاً، لأن المعارف والمعلومات تتقادم بسرعة.