ونحن نخوض معركتنا العادلة لنصرة القضية الفلسطينية ومقدسات المسلمين ومواجهة بائعي الأوطان والمقدسات والمتاجرين بقضايا الشعوب؛ ينبغي أن نتذكر عدة حقائق أهما: أن الكيان الصهيوني ثمرة خبيثة من ثمرات وعد بلفور الاستعماري، وقد تمت زراعته في قلب الأمة العربية والإسلامية لأغراض استعمارية لا تتعلق فقط بفلسطين بل لأهداف تتعلق بالحرب على مصالحنا وهويتنا الثقافية والحضارية.
فهذا الكيان المشبوه خنجر مسموم من خناجر الاستعمار، ومعركتنا معه معركة وجود فهو يستهدف التغلغل في نسيجنا الاجتماعي والثقافي لإشاعة ثقافة الانهزامية والتبعية والفرقة وتغذية الصراعات الداخلية ومحاربة التحولات الديمقراطية ودعم الأنظمة القمعية والانقلابية.
ومن الحقائق التي يجب تذكرها جيداً أن هذا الكيان المشبوه كيان عنصري يقوم على مبدأ القهر والغلبة والقوة، والسلام معه ترسيخ لثقافة رضوخ الضحية، وهذه الصيغة من الاستسلام والهوان تتعارض مع الكرامة الإنسانية ويجب أن يرفضها جميع أحرار العالم بما ذلك اليهود المتحررين من العنصرية الصهيونية، وجميع أنصار السلام الحقيقي ودعاة حقوق الإنسان، لأن تكريس استسلام المقهور للقاهر من أبشع انتهاكات حقوق الإنسان.
ومما ينبغي إدراكه أن التطبيع الأخير مع الكيان الصهيوني ليس مجرد خيانة وبيع للأرض والمقدسات، بل ستكون تبعاته أعمق تأثيراً، فالكيان الصهيوني بواسطة التطبيع سيستخدم ثروات العرب والمسلمين في تدعيم اقتصاده وتقوية تفوقه العسكري والمخابراتي، وسيحول أنظمة التطبيع إلى أذرع مخابراتية بعد أن يربط اقتصادياتها باقتصاده، وأمنها بأمنه، ويصبح بقاؤها مرهون ببقائه وخدمة أجندته في الحرب على العرب والمسلمين.
إنها معركة عقيدة ومعركة وجود ومعركة أمن قومي ومعركة هوية وثقافة وصراع حضاري شامل.