سيسجل التاريخ هذا اليوم الأسود في سجل الخزي والخيانات كوصمة عار في تاريخ الإمارات، وتتذكره الأجيال كعلامة دالة على الأيام التي خان فيها حكام العرب قضية العرب والمسلمين الأولى.
هذا يوم ضياع البوصلة الإماراتية، بل يوم انكشاف ذلك على الأصح، والوصول إلى قاع التعري الأخلاقي. إن يوم انحراف المعايير وتنكيس موازين القسط وانتصار العربدة بالقيم؛ يوم من أيام أبي رغال بل أسوأ، فقد أرشد أبو رغال قوات الاحتلال إلى مكة مقابل المال، أما الرغاليل الجدد فيدفعون المال ليقبلهم الآخرون كخونة لقضايا شعوبهم وأمتهم.
هذا يوم من أيام ابن العلقمي وما أكثر العلاقمة الجدد! هذا يوم من الأيام المظلمة في تاريخ العرب التي تبدلت فيها واجبات مناصرة الأهل والإخوة إلى حرب شعواء على إخواننا، ومباركة لظلم الغريب على الحبيب والقريب على طريقة 'أنا والغريب على ابن عمي'.
هذا يوم يتنكر فيه الأبناء لمبادئ الآباء ويدوسون كلام المؤسسين، وعلى رأسهم الشيخ زايد، بأحذية الخيانة لإرضاء ترامب. هذا يوم يداس فيه على دستور الإمارات الذي يجرّم هذه العلاقة المشبوهة، بالوقوع في أوحال التوقيع على معاهدة مشؤومة لن تأتي للدولة إلا بالهلاك والدمار.
إنه تاريخ مشؤوم لانتكاسة قيمية وأخلاقية لم تشهدها الإمارات منذ نشأتها، ولم تشهد اتفاقية خاسرة بائسة كهذه لا خير فيها كهذه الصفقة التي نبيع فيها كل شيء مقابل الأوهام.. إنها صفقة خسارة محضة لا ربح فيها، ابتداءً من خسارة محيطنا العربي والإسلامي، وصولاً إلى خطر الاختراق الصهيوني لحرمة وطننا.. الاختراق الشامل أمنياً واقتصادياً وعسكرياً وسياسياً والتبعية الشاملة للصهيونية، ووضع كل مصالحنا تحت رحمة الصهاينة.
اتفاقية تتضمن مخاطر كبيرة أدركها الكبار من المؤسسين الأولين، وتساهل معها الجيل الوارث الذي خان الأمانة وباع كل شيء مقابل أوهام وعلى أمل فوز ترامب، أكبر رئيس أمريكي أعلن الحرب الصريحة على قضايا المسلمين وفي مقدمتها القدس.
الكيان الصهيوني المسكون بعقدة التفوق العنصري، والذي عبث بمقدساتنا في فلسطين، وهجّر أهل الأرض وسفك دماء الأطفال النساء، وهدم المساكن على رؤوس أهلها؛ لن يأتي بغير هذه النفسية الوحشية الكارهة إلى الإمارات وبقية الدول العربية والإسلامية، ولن يقبلنا إلا مخالب يستخدمها ضد التيارات الإسلامية والقومية في الوطن العربي وضد الثقافة العربية، ولن يقبلنا إلا أدوات للتجسس من أجل مصالحه في المنطقة وتوسعه يوماً بعد آخر.
باتفاقية اليوم يتم فتح أجواء وأرض وماء الإمارات لهؤلاء المجرمين القتلة واللصوص وشذاذ الآفاق، وها هو الوفد الرسمي يسلمهم المفاتيح كما فعل أبو رغال وابن العلقمي.
إننا كإماراتيين لم ولن نقبل بالتفريط بشبر من أراضي فلسطين الحبيبة، ولن نقبل أن تكون الإمارات بوابة لاختراق أمتنا، ولن نقبل أن تكون أرضاً مستباحة ولا وكراً لجرائم العدوان والتجسس ضد أمتنا وثقافتنا. فوقّعوا أو لا توقعوا، فهو توقيع من لا يملك لمن لا يستحق، ولن تخوّلكم الأمة بيع الأقصى والقدس وفلسطين للصهاينة ولا تمثلون إلا أنفسكم، وأما الشعب الإماراتي وتاريخ الإمارات ومؤسسو الدولة فهم براءٌ مما تفعلون.. 'فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ'.