لم تعد المشكلة في عصر ثورة المعلومات ومجتمع المعرفة هي قلة المعلومات أو غيابها، ولكن المشكلة الحقيقية هي فيضان المعلومات الجارف بتناقضاتها، واختلاف مصادرها.
وهذه المعلومات لا تصنع المعرفة الحقيقية إذا لم يكن لدينا استعداد لغربلتها والقدرة على الاختيار الذكي والسريع للمعلومة الموثوقة، والقدرة على توظيف هذه المعلومة وإعادة انتاجها مع التعديل والاضافة.
ولأننا نعيش ظاهرة الإغراق المعلوماتي فإننا بحاجة ماسة لتعليم أنفسنا القدرة على الانتقاء والاختيار، وبدون هذه المهارة فإننا سنهدر الكثير من الأوقات في البحث عن المعلومة النافعة والصحيحة وقد يضيع الكثير من الوقت هباءً ونحصل بعد ذلك على معلومة مزيفة أو معلومات متناقضة لا نستطيع التمييز بينها.
وقد يتسبب هذا في عدم قدرتنا على اتخاذ القرارات السليمة، ولعل أوضح مثال لتضارب المعلومات بسبب وفرة المصادر وتعدد قنوات التواصل ما يتم نشره من معلومات تتعلق بجائحة كورونا، فثمة معلومات ما تزال تشكك بحقيقة وجود الفيروس ومعلومات متناقضة عن طريقة انتقال العدوى والإجراءات الأفضل في الوقاية ومعلومات عن الأدوية واللقاحات ومضاعفاتها والوصفات الشعبية، وأمام هذا الفيض المعلوماتي فإن الأسلم هو البحث عن المعلومات من المصادر الرسمية الموثوقة وعلى سبيل المثال فيما يتعلق بفيروس كورونا فإن الجهات الصحية هي المعنية بغربلة المعلومات الطبية وينبغي الاعتماد عليها وعدم إضاعة الأوقات والجهود في متابعة المعلومات المتناقضة التي تأتي من مصادر أخرى.
إن البحث عن المعلومة من المصادر الرسمية وتجاهل المصادر الثانوية من أهم الواجبات في عصر الفيضانات المعلوماتية، ويجب الحرص على اخذ معلومات محدودة نحتاج إليها في حياتنا العملية ونستطيع هضمها، لأن أخذ وجبة كبيرة من المعلومات يسبب التخمة والعجز عن الهضم المعرفي مثلما يتسبب زيادة الطعام. ومن هنا ظهر مصطلح حمية المعلومات مماثلة لمصطلح الحمية الغذائية.