في مجتمع المعرفة والعالم الرقمي، وفي ظل التوجه نحو التعلم عن بعد والتعلم الذاتي، لا ينبغي أن تقتصر المعرفة بالنظريات التربوية على مؤسسات التربية والتعليم، وأصبح من المهم على الوالدين الإلمام بالنظريات التربوية الحديثة والتي تجعلهم يمارسون التربية عن بصيرة ودراية معرفية.
ومن النظريات التربوية التي يمكن الاستفادة منها في التربية الأسرية' نظرية التطور المعرفي للطفل' فهذه النظرية تركز على الطفل وكيفية اكتسابه للمعرفة من مرحلة الولادة إلى المراهقة، وتشير النظرية إلى الأهمية المحورية للطفولة وأن الأطفال بمقدورهم التعلم الذاتي والاستفادة من تجاربهم كالكبار والخبرات التي يتعرضون لها في مرحلة الطفولة لها الدور الحاسم في تعلمهم المستقبلي.
وتبدأ عملية النمو المعرفي عند الطفل بالمرحلة الحسية الحركية من الولادة إلى بلوغ السنتين، وتليها مرحلة التفكير التصويري من عمر سنتين إلى سبع سنوات وفي هذه المرحلة يتعلم بالتقليد والمحاكاة والتصوير الذهني في ربط المسميات بأسمائها، وتليها مرحلة العمليات المادية المحسوسة من سبع سنوات إلى 11 سنة، فيكتسب في هذه المرحلة القدرة على التصنيف والتفكير المنطقي، وأخيراً مرحلة العمليات المجردة وتبدأ من 11 سنة فما فوق وتعد المرحلة النهائية في التطور المعرفي.
ومن الفوائد المهمة لهذه النظرية أنها ترشدنا إلى أن عملية التشكل تكتمل في السنة الحادية العشر، وأن الطفل ليس مجرد متلقي سلبي للمعرفة ولديه استعداد للتعلم الذاتي من وقت مبكر وأن الطفل الذي يتعرض للخبرات المعرفية في مجال محدد يكون أكثر قدرة من زملائه على تطوير قدراته في هذا المجال.