قبل أن يكتب الله النجاة لموسى وقومه في يوم عاشوراء مرت بهم أحداث صعبة وابتلاءات شديدة واجه فيها المؤمنون الأحرار تهديدات فرعونية بالتنكيل بهم وقتلهم وتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف لإجبارهم على العودة إلى الكفر والخضوع للرأي الواحد، فها هو الطاغية يتوعد صاحب الدعوة بالقتل ويتهمه بإثارة الفوضى والفساد وتغيير النظام'قال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد'.
وبلغ الغرور بالطاغية أن يفرض على الآخرين الاستئذان منه قبل الإيمان بأي فكرة أو مبدأ' قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين ' فجاء جواب المؤمنين الصامدين الذين تشربوا مع الإيمان حرية العقيدة 'قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون* إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين' إنه الثبات على الحق الذي يستند على الثقة بالقوة العظمى التي تهون أمامها أي قوة في الأرض.
لقد توهم فرعون أن قوته المادية هي كل شيء وأنها أشد قوة في الأرض وأكثر قدرة على البقاء، فقال بتبجح وغرور' وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ ' ولكن القلوب العامرة باليقين والثقة لا تنفع معها هذه التهديدات، ولن تؤثر السلامة على التضحية في سبيل المبدأ ولهذا كان جوابهم المزلزل 'قالوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ'.