كلما طوى عام صفحات أيامه، واشرقت شمس عام جديد يقف المؤمن متفكراً متأملاً في تقلب الأيام والسنين 'يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ' وتتهيأ النفس للمحاسبة على ما أسلفت في الأيام المدبرة والتخطيط للسنة المقبلة.
فثمة من يضع خطته السنوية في بداية السنة الشمسية والبعض يفضل وضعها في السنة القمرية الهجرية وقد تكون السنة الشمسية أنسب للخطط الاقتصادية التي ترتبط بالدورة الاقتصادية لبعض الأعمال. وفي نفس الوقت ثمة من يضع خططه ولا سيما الخطط الدعوية والتربوية بالتاريخ الهجري الذي يتضمن شهر رمضان و الأيام البيض في كل شهر وموسم الحج و الأعياد والأشهر الحرم وغيرها من المناسبات، و قد شاعت في الفترة الاخيرة الأجندات المزدوجة للجمع بين التاريخين الهجري والميلادي.
ومهما كانت تفضيل الشخص لوضع خطته، فإن دخول عام جديدة يوفر فرصة ذهبية للمراجعة والمحاسبة لمن لديه خطة سابقة، و وضع الخطط الجديدة لمن تعود على وضع خطته في السنة الهجرية أو تهاون ولم يضع خطته من قبل.
وقبل هذا وذاك تأتي مراجعة المؤمن لحياته مع الله وربط أهدافه وخططه السنوية بأهداف تقربه إلى الله وتخدم دينه وهويته وثقافته وقضايا أمته، فإذا كان ثمة من يخطط ليل نهار بلا كلل ولا ملل للكيد لديننا وهويتنا وثقافتنا فحري بنا أن نخطط للحياة مع الله وللدفاع عن دين الله وعن قضايا المسلمين العادلة وسيأتي الذي يحصد فيه كل طرف نتاج تخطيطه وما علينا إلا استحضار تقوى الله عند وضع أو مراجعة كل خطة 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ' وبهذا الحرص نستفيد من تعاقب الأيام والسنوات في تحقيق الذكرى والشكر ' وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا '.