يحتفي العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها في هذا اليوم ببداية السنة الهجرية الجديدة، وذكرى الهجرة النبوية من مرحلة الاستضعاف في مكة إلى مرحلة بناء الدولة في المدينة.
وذكرى الهجرة من الذكريات الفارقة في تاريخ الإسلام لأنها كانت بداية تحول كبير في مجرى الكفاح وفي تاريخ التضحيات والجهاد ومواجهة ابتلاء الخروج من الوطن الذي ضاق على الأحرار الشرفاء الموحدين عندما لوث الظالمون طهارة المكان باستعباد الإنسان وبالشرك بالله ومحاربة حرية الدعوة والتضييق على المسلمين سياسياً واقتصادياً وفكرياً وتشويه الدعوة.
ولكل ذلك فإن الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام لم تكن حدثاً عابراً ولم يكن الخروج سياحة و ترفاً، ولا هروباً وانسحاباً، بل كانت بداية رحلة الجهاد والكفاح وتشكيل هوية هذه الأمة التي تكالبت عليها الأمم بعد الهجرة وتحالف فيها أمراء قريش مع أعداء الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه وحاصروا المدينة والمسلمين من كل الاتجاهات حتى تكسرت حملاتهم الظالمة أمام إرادة المؤمنين الأحرار وتكشفت جماعات النفاق في الداخل التي كانت تتحالف مع أعداء المسلمين وتخون قضاياهم العادلة وتتخذ من أعداء الإسلام أولياء من دون المؤمنين يلقون إليهم بالمودة، وتساقطت أقنعتهم وكتب الله النصر المبين للمؤمنين الأحرار والخزي و العار لأمراء العرب الذين حاربوا الدعوة وأنفقوا كل أموالهم في محاربتها فجعل الله تلك الأموال حسرة في نفوسهم وكان مكر الله أكبر من مكرهم.
و سيظل التاريخ يكرر نفسه فتتيح الأقدار لأعداء الأمة والذين في قلوبهم مرض من حلفائهم في صفوف المسلمين فيتكالبون على الحق ويحتلون الديار والمقدسات ويخرجون أهلها منها ويظاهرون على إخراجهم.
ويأتي بعض المحسوبين على المسلمين فيكررون أدوار أبي رغال وغيره من الخونة المعروفين عبر التاريخ ويظاهر على إخراج المسلمين من ديارهم ويطبع علاقاته مع الأعداء ويعلن حربه على حركات المقاومة والتيارات الإسلامية المعتدلة وينكل بالأحرار والمصلحين ويحولهم بين سجين وطريد أو مستضعف غير قادر على الهجرة حتى يفتح الله بين الظالمين وبين المستضعفين بالحق إنه خير الفاتحين، وتلك الأيام نداولها بين الناس.
سأل الله أن يقر أعيننا بفتح القدس وتحرير فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم وأن يثبت أقدامنا على النضال من أجل تحرير ومقاومة كل دعوات الخذلان والتطبيع إنه على كل شيء قدير.