إعلامي إماراتي .. مستشار في علم النفس التربوي

عبادة الشهرة في عصر مواقع التواصل
تحدثنا في مقال الأمس عن الفرق بين حب الثناء الحسن كغريزة فطرية  وكيف يمكن أن تتحول إلى مرض نفسي عندما تنحرف عن مسار الفطرة السليمة القائمة على العبودية لله وجعل حياتنا كلها لله، إلى عبادة الذات، ويبدأ الانحراف عندما يتحول حب الظهور إلى غاية بحد ذاته، ويتطور إلى نوع من الهوس بالظهور وفي هذه الحالة يشعر الفرد بالاكتئاب إذا لم تتم تسليط الأضواء عليه وتتدهور حالته النفسية. 
وفي عصر مواقع التواصل تزايدت مظاهر الهوس بالظهور والولع بتقليد المشاهير سواءً كانوا دعاة وعلماء صالحين أو سياسيين أو حتى فنانين ورياضيين. والكثير من الناس يبدأ باستخدام مواقع التواصل لغرض التواصل الطبيعي أو لأهداف رسالية أو دعوية أو تجارية أو غيرها، وبمجرد ما يتم تسليط الأضواء عليه، ويزيد عدد المتابعين والمعجبين، ويذوق طعم الشهرة، تتفتح شهيته للمزيد والمزيد حتى يصل إلى مرحلة لا يستطيع الاستغناء فيها عن الظهور.
 وإذا قلّ عدد متابعيه أو المعجبين تنتابه حالة من الاكتئاب والضيق النفسي ويفقد توازنه ويؤثر ذلك على تقديره لذاته، بل إن البعض مستعد لارتكاب جميع أنواع الحماقات في مواقع التواصل ليحافظ على الشهرة والظهور.
ويذكرنا هذا بالقصة التي ذكرها ابن الجوزي عن الأعرابي الذي بال في زمزم فلما أمسك به الناس وسألوه عن سبب اقترافه لهذا الفعل القبيح قال: أحببت أن يذكرني الناس ولو باللعنات'  ومواقع التواصل الاجتماعي اليوم تعج بالكثير من أمثال هذا الأعرابي، وهذه الظاهرة تعكس الخواء الروحي والفكري والضعف التربوي، وتحتاج إلى تكاتف جهود الأسر و المؤسسات التربوية لتربية الأجيال على  الاستخدام الإيجابي للتقنيات الرقمية والتوعية  بالمخاطر والسلبيات.