أحياناً تضيق صدور الآباء عندما تواجههم صعوبات في تعليم الأبناء بعض المهارات، أو عندما يلح عليهم الأبناء لإعادة قراءة قصة معينة أو مشاهدة فيلم معين أكثر من مرة، أو عندما يطلبون تكرار قراءة النص لحفظ كلماته وتفهم معانيها، فالمشكلة أن الآباء يفكرون دائماً بطريقة حرق المراحل ويبحثون عن نتائج سريعة، ويتمنون حدوث كل شيء في لحظة واحدة، مع أنهم لو يتذكرون أنفسهم عندما كانوا أطفالاً وكيف كانوا يجدون بعض الصعوبات في تعلم بعض المواد وكيف اجتازوا هذه الصعوبات بالتمرن والتكرار لعرفوا أهمية التكرار في تعليم المهارات المعرفية والحركية.
وما يجب أن يعرفه الآباء أن المعلومات القليلة التي يتعلمها الأبناء بصورة جيدة مع التكرار أكثر من مرة؛ أهم بكثير من المعلومات الكثيرة التي تشتت أذهانهم وهذا ما أكدته دراسة علمية بريطانية تم تطبيقها على مجموعتين من الأطفال وقرأت المجموعة الأولى كتاباً يحتوي على كلمات جديدة أكثر من مرة، و قرأت المجموعة الثانية أكثر من كتاب مختلف، وفي نهاية التجربة وبعد اختبار الأطفال في المجموعتين تبين أن أطفال المجموعة الأولى كانوا أكثر قدرة على استيعاب وتذكر الكلمات الجديدة. وتؤكد دراسات أخرى أن التكرار يصنع نوعاً من الألفة والشعور بالحميمية بين الطفل والمادة التعليمية وبيئة التعليم، ويساعد على تنمية التفكير المنطقي.
وهذا الأسلوب التربوي استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح البخاري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان 'إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم عنه، فإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلَّم ثلاثًا' ومعظم نظريات التعلم الحديث تشير إلى أهمية التكرار مثل نظرية التجربة والخطأ ونظرية الاقترانات الشرطية التي تعتمد زيادة عدد تكرار السلوك لتعزيز الاقترنات وغيرها. وأخيرا نؤكد إن الصبر على التكرار لن يذهب سدى كما يتوهم الكثير من الآباء، وأن الصبر على التكرار سيأتي بأنضج الثمار بإذن الله.