إعلامي إماراتي .. مستشار في علم النفس التربوي

وأعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه
تبدأ التزكية الحقيقية للنفس من نقاء السريرة وطهارة القلب، وصفاء الهاجس، قبل أن تترجم الجوارح هذا النقاء والصفاء في العمل الملموس، ويبدأ الحساب والعقاب من هذه المرحلة التي تتعلق بأعمال الباطن' إن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله'. 
وإذا تحدث بعض الفقهاء عن عدم العقاب على خاطر السوء فإنما يعنون بذلك الخاطر الذي يوسوس به الشيطان أو تزينه النفس الأمارة بالسوء فيصادف قلباً ذاكراً يتصدى له ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم فيكسب المؤمن أجر المجاهدة، وأما الخواطر السيئة التي تصادف قلباً فارغاً فترتع فيه وتستقر وتتحول إلى نوايا خبيثة ولا تنتظر ألا توفر الظروف للتعبير العملي عن نفسها، فلا تدخل في دائرة العفو مع غياب التوبة والاستسلام للغفلة.
 وما أحوج هؤلاء السادرين في غيهم إلى صيحة تزلزل ضمائرهم قبل أن ينحدروا في دروب المعصية المظلمة وفي هذا السياق جاءت هذه الصرخة لتخرج المستكينين إلى خواطر السوء من هجعة الغفلة، إلى يقظة الضمير، ومن الاستكانة إلى الخواطر القذرة إلى آفاق الطهارة الرحبة'وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ' فمن استجاب لإعلام الحذر وعاد من حافة الخطر، فليسمع بشرى التائبين'وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ'
'قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ'
'رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ' فأجعلنا ممن حسنت سريرتهم وصفت هواجسهم، فتركت جوارحهم ظاهر الإثم وباطنه واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.