دفعت البشرية ثمناً قاسياً لنتيجة الإمعان في تدمير الأرض وإفساد البيئة، ومع ذلك لا يبدو أنها تستفيد من الدروس لأن شراهة التصنيع والركض وراء الربح لا يمكن أن تتوقف ألا إذا تحولت القيم إلى قوانين رادعة، ولعل جائحة كورونا من أقسى الدروس الحديثة.
وقد اكدت الدراسات مدى الافساد البالغ الذي تتعرض له الأرض وعلاقته بتفشي الأوبئة، وأكدت أن فترة الوباء التي قيدت النشاط الصناعي أظهرت تحسنات متعددة في بيئة الأرض منها تراجع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الهواء حول العالم بفضل توقف النشاط الاقتصادي وتحسن جودة الهواء بعد تراجع نسب تركز غازات سامة مثل ثاني أكسيد النيتروجين في العالم الذي ينبعث بصورة رئيسية من عوادم السيارات والمصانع وتقليل تجارة الحيوانات البرية.
وتؤكد الدراسات أهمية التنوع البيولوجي في البيئة للتقليل من خطر الإصابات التي تنقلها الحيونات إلى البشر، ويستلزم ذلك توقيف أو وضع حدود للسياسات التصنيعية التي تدمر هذا التنوع البيولوجي وتستهدف إزالة الغابات وإنتاج الوقود الأحفوري، وفي مقابل ذلك من المهم تعزيز مبادرات توسيع المساحات الخضراء.
ويبدو أن تحقيق كل ذلك سيتعذر إذا لم ينطلق من مرجعية متعالية تؤمن بأن الحفاظ على الأرض هي رسالة السماء وأن الله استخلفنا على هذه الأرض لتعميرها بدون تدمير وإفساد مع الانابة إليه والتضرع له سبحانه وتعالى' ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا'.