أكدت أهداف التنمية المستدامة الأممية التي أعلنتها الأمم المتحدة كبرنامج عمل أممي للفترة من 2015- 2030 أنه بدون حقوق الإنسان والحكم الفعّال القائم على سيادة القانون لا يمكننا أن نأمل في تحقيق التنمية المستدامة.
وهذه الإشارة البسيطة لا تعطي الموضوع حقه، فالعمل على ترسيخ العدالة المستدامة كان يجب أن يكون أهم الأولويات الأممية نظراً للكثير من الإشكاليات التي تعيشها البشرية بسبب احتلال قوانين العدل وشيوع الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان فكيف نستطيع الحديث عن التنمية المستدامة إذا كانت الأرقام الأممية تشير إلى أن هناك ما لا يقل عن 10 ملايين شخص دون جنسية حرموا من الجنسية والحقوق المجاورة بممارسات تعسفية، ولم يحرك العالم ساكناً،فكيف ننتظر الاستقرار والسلام والتنمية المستدامة؟!
وإذا كان هناك حسب الإحصائيات الأممية ما لا يقل عن 70 مليون شخص نزحوا قسراً نتيجة للاضطهاد أو العنف أو انتهاكات حقوق الإنسان ولم يحرك العالم ساكناً،فكيف ننتظر الاستقرار والسلام والتنمية المستدامة؟!
فلو أن الجهود الإنسانية اتجهت كلها من اجل هدف واحد هو تحقيق العدالة المستدامة وإحقاق الحق وإبطال الباطل سيعم السلام أرجاء العالم، وسوف تزدهر التنمية في الدول المحرومة، وتتحسن اقتصاديات الدول الفقيرة وتغيب الاحتقانات والتوترات، ولكن يبدو أن سنة الله قضت أن يستمر الصراع بين الحق والباطل وأن يستمر الابتلاء حتى يستحق كل إنسان مصيره الأخروي بناء على ما كسبته يداه من ظلم وطغيان أو مدافعة للظلم ونصرة للمستضعفين.
ويبقى طموح المؤمن أن يحقق رسالته التي تجعل تحقيق العدالة مناط تكليف و تشريف وذلك في قوله تعالى 'لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ' الحديد(25)