يعيش المؤمن الحق في معية الله في جميع أحواله، فحياته كلها لله، ومناسكه الشعائرية لله ، وابتغاءه من فضل الله في معاش الدنيا لتعمير الأرض وبناء الإنسان في مملكة الإيمان، كل ذلك في سبيل الله ولسان حاله' قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين'.
ولكن الإنسان مجبول على النسيان، فقد ينسيه ظاهر الطلب الدنيوي عن غايته التعبدية فيقسو قلبه مع الوقت حتى ينسيه الله نفسه وتستحكم الغفلة على قلبه ويجد الشيطان الفرض السانحة للهجوم عليه بالوسوسة والإغراء ليدفعه بعيداُ عن طريق الهداية ويستقطبه في أودية الضياع والغواية.
وإذا نسي العبد ربه أنساه نفسه وقد حذرنا الله من هذا النسيان فقال عز وجل'وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ '. فإذا استحكم النسيان على العبد استوجب نسيان الله له في الآخرة، وهذا هو الخسران المبين يقول الحق عز وجل'وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ'.
ومن هنا تأتي أهمية تجديد الإيمان ومقاومة النسيان بالمحاسبة، والاستفادة من المحطات الأسبوعية من الجمعة إلى الجمعة ومن الصلوات الخمس ومن رمضان وموسم الحج وغيره، وقبل هذا وذاك بالإكثار من ذكر الله والحرص على استشعار التقوى في جميع أحوالنا وعلى التوبة السريعة عند وقوع أي خطأ أو استدراج شيطاني قال تعالى 'وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ' نسأل الله أن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.