من أهم التحديات التربوية في العصر الراهن تحدي تربية الأبناء على الجدية في فضاءات إعلامية وثقافية وبيئة رقمية تشجع على التفاهة وتعمل على تسطيح الوعي و تعزيز ثقافة البحث عن الحلول السهلة وترسم صورة بائسة لأصحاب الاهتمامات الجادة، ولا تشجع على بذل الجهد والتلذذ بالتعب من أجل طلب المعالي.
وترتبط في هذه البيئة الرقمية الشهرة بالقدرة على ترويج الذات بدون بناء حقيقي أو مهارات جادة أو اهتمامات تعكس روح المسؤولية والإحساس بالواقع وتعقيداته، والرغبة في المساهمة بتقديم الحلول الإبداعية وارتياد آفاق المستقبل، مع تنمية الإحساس بأهمية الشكليات والمبالغة في ذلك إلى درجة تولد حالة من البلاهة والتبلد الأخلاقي عند الأبناء مع الحرص على ملاحقة الموضات، والتنافس على الظهور وفق نمطيات تحددها لهم سياقات ثقافية وافدة.
ولا يعني نقدنا للاهتمام بالشكليات أننا نعتبر الحرص على الذوقيات والجماليات من الأمور التافهة، ولكننا نطالب بالموازنة الدقيقة بين الشكليات والمقاصد العالية، وقد أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم إلى أهمية الموازنة بين الحرص على الجماليات والحرص على معالي الأمور والابتعاد عن سفاسفها في الحديث المروي عن جابر بن عبدالله أنه قال'إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ ، ويحبُّ مَعاليَ الأمورِ ، ويكرهُ سَفسافَها'.
ومن أهم أهداف التربية الجدية التي يجب تربية الأبناء عليها التربية على التضحية في سبيل الله وفي سبيل خدمة قضايا الأمة بالغالي والنفيس قال تعالى'لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ' ولا تقتصر مظاهر الجهاد على مدافعة العدوان الخارجي، والطغيان الخارجي، فالجهاد الفكري والإعلامي في مقارعة الظلم والطغيان والدفاع عن الصورة المشرقة للإسلام من أعظم الواجبات في هذا العصر الرقمي.
نسأل الله أن يجعلنا من أصحاب الهمم العالية الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.