في الوقت الذي اضطر فيه مئات الملايين من البشر إلى البقاء في البيوت في ظل الحجر الصحي الذي فرضته جائحة فيروس كورونا القادم من الصين، فإن فيروساً صينياً آخر كان يجتاح أحصنتنا الداخلية ويقتحم غرفنا، يسرق صحة أطفالنا النفسية، والجسدية ويجعلهم عرضة للابتزاز والاستغلال من الذئاب البشرية، ونعني بهذا الفيروس تطبيق 'تيك توك' الذي وصل المشاركون فيه إلى قرابة مليار من البشر أكثرهم من الأطفال. ومع أن التطبيق يشترط ألا يقل عمر المشتركين عن 13 سنة، ولكن لا توجد أي إجراءات تضمن ذلك..
وتقوم فلسفة التطبيق على تسطيح الوعي وصناعة الاهتمامات التافهة القائمة على عرض وتبادل فيديوهات مرئية قصيرة تعتمد على الإضحاك أو التلميحات غير الأخلاقية والتشجيع على التنمر وحركات جسدية مؤذية للجسد يترتب عليها في الغالب السقوط على الأرض في وضعيات تعرض صحة الدماغ والجسد لمخاطر كثيرة قد تصل إلى الوفاة أو الإعاقة.
وتعتمد شهرة الفيديو وقدرته على الرواج على معايير عنصرية تتلاءم مع البيئات الغنية وأصحاب الصور الجميلة. وفي نفس الوقت يقوم التطبيق بتقييد تصوير المحتوى في بيئة “فقيرة” أو إذا كان صاحبه “قبيح” الشكل' إلا إذا كان الهدف إضحاك الآخرين من قبحه.
ويوفر التطبيق مقاطع جاهزة من بعض الأفلام والأغاني ليساعد المشتركين على محاكاتها وإعادة إنتاجها من جديد ولذلك أثر كبيرة في التقمص الوجداني والفكري لمضامين محتويات هذه المقاطع.
والأسوأ أن أمثال هذه التطبيقات تنتشر في بيئة تتفشى فيه الأمية الرقمية ويغيب فيها التفكير النقدي و البرامج التربوية الهادفة إلى إعداد الأبناء على التعامل مع هذه التقنيات و معرفة سلبياتها وإيجابياتها وكيفية الاستفادة منها في تحقيق الذات دون التخلي عن هوياتنا وقيمنا الإنسانية والدينية والأخلاقية.