كيف تولد من جديد بعزيمة من حديد بعد تجربة فشل مريرة؟ استيعاب الإجابة على هذا السؤال من أهم كنوز التربية النفسية والإيمانية والتنموية، فالاستسلام للفشل والانهيار النفسي بمثابة انتحار بطيء وإلقاء بالنفس في تهلكة الإحباط واليأس الكافر، ولهذا فإن الإيمان بالله واستشعار أمانة التكليف والاستخلاف في الأرض هو المقدمة للصمود والباعث الأسمى لاستجماع القوى النفسية والبداية من جديد في درب جديد من دروب تعمير الحياة وبناء الذات في سياق جماعي يخدم مشروع نهوض الأمة.
وفي مجتمع المعرفة لا تنقصنا المعلومات التي تساعدنا على انتشال ذواتنا من وهدة السقوط، وإذا رميت شباكك في بحار الشبكة العنكبوتية ستجد الكثير من النصائح والإرشادات، ولكن الكنز الأهم الذي يجب أن تبحث فيه وتستنطق أسراره هو نفسك التي بين جنبيك وهي إرادتك الفولاذية التي حباك الله بها، وبيديك فقط أن تستشعر عظمة هذا الكنز فتسمو بسمو إدراكك لنفسك وإيمانك بالله وأسرار قوتك الذاتية التي حباك الله بها، أو تهوي إلى الحضيض بالاستسلام للعجز واليأس، أو تركض بعيداً بنرجسية مفرطة تتنكر فيها لإخوانك ومجتمعك وإنسانيتك ودينك وتظن أنك تنجح وتحقق ذاتك.
فالنصائح وحدها لا تكفي والنجاح غير مهم ولا جدوى منه إذا كانت منطلقاتك غير إنسانية وبعيدة عن قيمك وإخلاصك لمشروع النهوض الجماعي للأمة والمستضعفين في الأرض.
فمن الأهمية بمكان أن تدرك أن نهوضك الحقيقي هو نهوض أمتك ومجتمعك، وأن نجاحك هو بنجاح إخوانك، حتى لا تقع في فخ عبادة الذات فتغرد بعيدا عن السرد وتكتشف في آخر المشوار أنك لم تحصد غير السراب.