شهدت أيام الحجر الصحي توجهاً كبيراً نحو البدائل الرقمية في التعليم والتسوق والترفيه والتواصل، ويبدو أن هذا التوجه سيترك بصماته الكبيرة في حياتنا حتى بعد أن يرتفع الوباء ويعود الناس إلى كامل حياتهم الطبيعية المعتادة.
وينقسم التربويون أمام هذه الظاهرة إلى فريقين: فريق يبالغ في التحذير من هذا التحول ويؤكد أن وسائل التكنولوجيا ليست محايدة وأنها تحمل ثقافتها، وتتضمن تبديل للعادات، وتأثيرات على التواصل المباشر وطريقة استخدام الحواس، وتعمل على ترسيخ الفوارق بين الطبقات الاجتماعية بسبب عدم قدرة الكثير من الأسر الفقيرة على مجاراة الأسر الغنية في توفير أحدث الأجهزة والبرامج، وتتضمن مشكلات نفسية وتربوية تتعلق بالإدمان، وافتقاد خبرات الحياة المباشرة، فضلاً عن مشكلات الانعزال و تبخيس الذات والأضرار الصحية والانفتاح غير المضبوط ونحو ذلك. وفي المقابل يدافع بعض التربويين عن ايجابيات التكنولوجيا التعليمية وما تتيحه من فرص للتعلم وتنمية الذكاء والتواصل وتوسيع الخبرات ونحو ذلك.
وهذه الخلاف بين التربويين يستوجب ضرورة تطوير منهجية تربوية متوازنة تعمل على الاستفادة من إيجابيات التعلم عبر الوسائط والاعتراف بهذا الواقع الجديد، واستثمار جميع إيجابياته وتعليم أبنائنا طريقة عمل هذه الأجهزة وطريقة تأثيرها على صحتنا وسلوكياتنا، وكيفية الاستفادة منها في تطوير أنفسنا، والعمل على تضييق الفجوة الرقمية بين الأسر الفقيرة والأسر الغنية.
و في نفس الوقت وحب التعرف على كيفية حماية الأبناء من المخاطر، والحرص على تنظيم أوقاتهم وتحديد أوقات محددة لهذا النمط من التعليم، مع تنويع التعليم، وإدماجه في خبرات الحياة اليومية وتفعيل وسائل التعليم الأخرى. وأن نحرص في جميع الأحوال على تربية الأطفال على التوازن والتفكير الناقد.