الفارق بين صوم العبادة وصوم العادة أن صيام العادة يجعل البعض أكثر قابلية للاستثارة وردود الفعل الغاضبة، لأن صائم العادة يصوم استجابة لتقليد اجتماعي ولا يستشعر الأجر ولا يتمثل قيم الصيام وأخلاقه التي تساعد على تنمية التقوى وتزكية النفس.
أما صائم العبادة فهو يترك شهوته وطعامه وشرابه ابتغاء الأجر وابتغاء عفو الله ومرضاته، والطريق إلى مرضاة الله وعفوه يمر عبر طريق الإحسان إلى الآخرين وكظم الغيظ والعفو عن الناس، فمن تخلق بأخلاق الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس في هذا الشهر؛ كان ذلك من أمارات تأثير الصوم الإيجابي في تحقيق التقوى، فقد وصف القرآن المتقين فقال 'وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ'.
وجاء في الحديث الشريف أن الصيام جُنة ووقاية وأن التقوى تستلزم التخلق بأخلاق العفو وعدم الاستجابة للاستفزازات'” الصوم جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني صائم”
وفي الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه صاحب 'إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن المحارم، ودع عنك أذى الجار'. وهكذا نجد ارتباط العفو عن الناس بالصيام والتقوى في القرآن والسنة.
وأكد القرآن الكريم أن العفو من سمات المتقين قال تعالى'وأن تعفوا أقرب للتقوى' وإذا كانت مغفرتة وعفوه عنّا هي أقصى ما نريده فكيف لا نبادر بالعفو عن الآخرين والله سبحانه يقايضنا بعفوه ومغفرته مقابل تخلقنا بأخلاق العفو عن الناس: ويا لها من مقايضة رابحة! 'وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ' نسأل الله أن يجعلنا من العافين عن الناس وأن يجعلنا إلى التقوى أقرب وإلى الناس أنفع.