من دروس مدرسة الصبر والتقوى( وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً)
ليس الغرض من مدرسة رمضان الاسترخاء في إ جازة روحية انسحابية مقصودة لذاتها، وما الصيام والتأمل الإيماني والابتهال إلى الله والإنفاق في سبيله إلا تدريب للنفس على الصبر الإيجابي والتقوى الإيمانية لمواصلة السير في الدرب الطويل من الكفاح المستمر والمواجهة مع الباطل.فعلى إرادة الصابرين المتقين تتحطم جميع مؤامرات الأعداء.
والصبر ليس استسلاماً كما يتوهم بعض العاجزين، ولكنه إرادة كفاح وعزيمة، نضال ووقود، قوة على احتمال تكاليف مدافعة الباطل و إحقاق الحق. وهذا الصبر بهذه الكيفية هو صبر المتقين' وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ'
ولأن رمضان هو مدرسة الصبر فقد حقق المسلمون في هذا الشهر أروع الملاحم في مواجهة أعداء الدين والدفاع عن مقدسات المسلمين والانتصار للمستضعفين' وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ' وإذا كان القرآن الكريم قد جعل رمضان شهر التقوى في تحديد الغاية من الصيام ' لعلكم تتقون' فقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم على رمضان شهر الصبر في أكثر من حديث منها ما رواه أحمد وأبو داود 'صم شهر الصبر رمضان، وثلاثة أيام من كل شهر'. وروى ابن ماجه في كتاب الصيام' الصيام نصف الصبر'.
والفتن التي تتكالب اليوم على الأمة، والظروف والمحن القاسية التي يتعرض لها الدعاة والمصلحون الأحرار تفرض علينا الاستفادة الكاملة من مدرسة الصبر والتقوى' وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً'