تطرقنا في مقال الأمس لنوعية الصيام الذي يساعد على تحقيق فضيلة التقوى، وفي مقال اليوم نتوقف أمام مدرسة أخرى من مدارس تنمية التقوى وهي مدرسة التفكر في آيات الله الكونية.
فممارسة التأمل والتفكر في آيات الله مدرسة متعددة الفوائد فهي عبادة بحد ذاتها، وهي رياضة عقلية وتنمية ذهنية تعمل على تنشيط القدرات العقلية، وهي أيضا مدرسة لتربية النفس على التقوى قال تعالى:' إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون،، 6 يونس'.
فالتأمل في تعاقب الليل والنهار وحركة المجموعات الشمسية والمجرات في هذا الفضاء الرحب، والتي تسير كلها وفق نظام مطرد متقن يجد ما يغمر قلبه إيمانا و يقينا بالله، ففي الوقت الذي تغرب فيه الشمس وتشرق؛ فإنها تشرق وتغرب في هذه الساعة وهذه الدقيقة والثانية في مثل هذا اليوم الشمسي من كل عام بدون تقديم أو تأخير.
ومن يتأمل في هذا الإبداع الكوني وما خلقه الله في الأرض وفي الفضاء من كواكب ومجرات، من يتأمل ذلك بعين البصر والبصيرة لابد أن تتفجر ينابيع التقوى في قلبه وينعكس ذلك على سلوكه.
ويلفتنا القرآن الكريم إلى أهمية التفكر في تربية النفس على التقوى في نفس سورة يونس في قوله تعالى'قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون' فالله سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا، وخلق هذا الكون الرحب، وهو الذي يتصرف في قوانين الوجود، وفي يده حياتنا وموتنا وتدبير سائر أمورنا، ومن يملك جميع ذلك أفلا يستحق أن نقابله بالتقوى والإيمان 'فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون'